أورد ابن القيم في روضة المحبين [[أن أبا بكر رضي الله عنه لما تولى الخلافة كان يخرج من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر كل يوم إلى ضاحية من ضواحي المدينة، فيمكث في خيمة هناك منزوية في الضاحية ساعة ثم يخرج، قال عمر: لأتبعن اليوم أبا بكر، ما جهة خروجه، ولماذا يخرج؟ فأخذ عمر رضي الله عنه يتبع أبا بكر، حتى وصل أبو بكر إلى تلك الخيمة، وهو لا يرى عمر وعمر يراه، فمكث ساعة في الخيمة ثم خرج منها، فلما خرج دخل عمر رضي الله عنه إلى تلك الخيمة، فوجد فيها امرأة عجوزاً حسيرة كسيرة، عمياء، فقال لها عمر: يا أمة الله! من أنت؟ قالت: أنا امرأة عجوز حسيرة كسيرة عمياء، لي أبناء وبنات وليس معنا كافل، مات أبونا ولا كافل إلا الله، قال: فمن هذا الشيخ الذي يدخل عليكم؟ - عمر يعرف أنه أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه- قالت: هذا الرجل لا نعرفه، يأتينا كل يوم فيكنس بيتنا، ويصنع فطورنا، ويحلب شياهنا، فجلس عمر يبكي ويقول: رحمك الله يا أبا بكر، أتعبت الخلفاء بعدك]].
إن لم يكن هذا وفاءً صادقاً فالناس في الدنيا بغير شعور
رحماك ربي هل بغير سجودنا عرف السجود لبيتك المعمور
أي جيل هذا الجيل؟! وأي طراز هذا الطراز الذي رباه محمد صلى الله عليه وسلم؟!
من أراد أن يتعرف على تقوى الله فليدرس حياة هؤلاء.
فالذي لا يعرف حياتهم، أو لا يدرس حياتهم، أو لا يعرف ما قالوه وما سطروه وما تركوه، سوف يبقى في جهل، وفي عماية وغواية؛ لأنهم خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرف الناس بالإسلام.