النفاق والمعاصي

يوم ضعف التوحيد في القلوب، التوحيد الجميل الرائع البديع، التوحيد الحي الناصع أتت علامات النفاق، فكثر النفاق في الناس، والذي لا يخاف النفاق منافق، فالصالحون بكوا من النفاق وخافوا منه، أتى عمر رضي الله عنه وأرضاه إلى حذيفة وقال: [[سألتك بالله يا حذيفة! أسماني صلى الله عليه وسلم من المنافقين؟ قال: لا والله، ولا أزكي أحداً بعدك]]

قال الحسن: [[ما خافه إلا مؤمن وما أمنه إلا منافق]] فليحذر العبد النفاق فإن له علامات:

منها: الكذب في القول، وخيانة الأمانة، وخلف الوعد، والفجور عند اليمين، والغدر في العهد.

ومنها: الاستهزاء بقيم الدين الإسلامي ومبادئه من الكتاب والسنة، والاستهزاء بالصالحين والأخيار.

ومنها: التكاسل عن الصلاة، وما أعظم نفاق من ترك المسجد وهو جواره وترك الصلاة فيه!

ومنها: مراءاة الناس بالعمل، وطلب السمعة.

ومنها: قلة الذكر -والعياذ بالله- إلى غيرها من الأمور، وهناك شريط بعنوان ثلاثون علامة للمنافقين، أو نحو ذلك؛ فاحرصوا على استماعه.

اعلموا أنه لما ضعف التوحيد في القلوب خوطب كثير من الناس بتحريم الربا لكنهم ما استفاقوا، تخمرت العقول وأصابها سكر المعصية فما أصبحوا يسمعون قولاً، ولا يجيبون دعوة.

ضعف التوحيد والمراقبة فجعلوا أموالهم ربا، وأكلوا ربا ولبسوا ربا قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران:130] وقال سبحانه: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة:275 - 276].

ثم قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة:278 - 279].

قال عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: {لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء} وعند الحاكم وصححه، وابن ماجة في السنن من حديث عبد الله بن مسعود: {الربا ثلاث وسبعون باباً، أهونه مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه المسلم} والربا قسمان: ربا فضل، وربا نسيئة.

فربا الفضل يدخل في أجناس الذهب والفضة والبر والشعير، والمأكولات، والموزونات فلا بد فيها من شرطين: التطابق والمساواة والحلول؛ فالبر بالبر رباً، والذهب بالذهب رباً، إلا مثلاً بمثل سواء بسواء، والفضة بالفضة رباً، إلا مثلاً بمثل سواء بسواء، هاء وهاء، وكذلك الذهب والملح وقس عليها المكيلات، والموزونات، لا يجوز التأجيل فيها، ولا تجوز الزيادة في هذه الأصناف.

وربا النسيئة: وهي المزايدة كأن تعطيه ذهباً بذهب ديناً ثم يكون فيه زيادة، وهذه الأصناف سواء كان فيها زيادة، أو بدون زيادة ففيها الربا.

ومن ربا النسيئة ما يفعله المرابون في البنوك، يقدم ماله لتصرف له فائدة على هذا المال، فإذا كان هذا الشرط فهو رباً، أو يأخذ قرضاً فيأخذون من هذا القرض مائة ألف، أو عشرة آلاف فيسدد على أنه مائة ألف فهو رباً، فليحذر المؤمن هذا الأمر، فإنه من أعظم ما يستوجب به غضب الله ولعنته، وقلة البركة من الله، ويدخل به النار، وقد توعدهم الله عز وجل بالحرب في الدنيا والآخرة.

وصاحب الربا لا بركة له، ولا ثمرة، ولا مستقبل، ولا نور، ولا هداية، نعوذ بالله من الربا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015