فهم يستهزءون بالثياب، والشكل، والديكور، والصلاة، والحركة والمشية، والدين حتى الذكر، ووجدت أحدهم -عليه من الله ما يستحق- يستهزئ بعلماء الحديث، وهو حداثي مشهور يقول: حدثتني عمتي أن خالتها حدثتها عن جدتها قالت: يعني: الحديث النبوي، عندما يقول: البخاري: حدثنا فليح، فهذا السند، هو السنة والقوة والعمق والأصالة ويقول البخاري حدثنا علي بن المديني، قال: حدثنا سفيان، أو كما قال، فيستهزئ من هذا الطريق ومن هذه الأحاديث.
وكان هناك فاسق في المدينة المنورة من العلمانيين جلس في الفسحة مع الطلاب -درس في أمريكا - فقال: حدثنا صنيهيت، قال: حدثنا شليميح أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -هذه من الفكاهات التي يتزندق بها- جلس مع أصحابه فقال: أتدرون ما البيبسي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أتدرون ما السيكل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: قوموا غربت وجوهكم لا تعرفون السيكل والبيبسي، وهذه يستباح بها دمه في الإسلام، ولا يصلى عليه ولا يكفن ولا يدفن في مقابر المسلمين.
ويقول الله في العلمانيين عن هذه المسألة: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:14 - 15] إذا جلسوا مع المؤمنين والمشايخ وكبار السن في القرية قالوا: نحن مؤمنون، والحمد لله، والله يغيثنا ويرزقنا وإياكم الصلاح والتوفيق، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ويهز رأسه عند الموعظة وتدمع عيناه ويعصرهما، ولكن ليس فيهما دمع، وإذا أتى إلى زملائه في المقهى ومع البلوت والكيرم، قالوا: {إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة:14] بهذه الشلل المتخلفة: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة:15 - 16].
وهذا هو الغبن، فأكبر غبن في الحياة هو غبن هؤلاء؛ لأنهم فقدوا أكبر شيء في الحياة -الدين- وأكبر شيء يعتز به الإنسان.
يا أيها الإخوة: شباب البلاشفة الحمر الروس يسحقون تحت الدبابات والمجنزرات في أفغانستان، وتشدخ رءوسهم على جبال أفغانستان من أجل مبادئ لينين واستالين، واليهود يقتلون في سيناء، والصليبيون شذر مذر في العالم من أجل مبادئهم، وأنتم يا حملة الرسالة ألستم أولى أن تتحملوا الاستهزاء والسخرية في سبيل إقامة لا إله إلا الله؟! يقول أبو الطيب:
إن كان سركم ما قال حاسدنا فما لجرح إذا أرضاكم ألم
وعاد هؤلاء من الغرب ناقمين على الأجداد والجدات وعلى الأخوال والخالات، وسبب نقمتهم عليهم أنهم متمسكون بالقديم الذي تركه هؤلاء.
من دنفر قد أتى في دينه قد عتا
إلى متى ذي الصلاة إلى متى هل أتى
{هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان:1]؟! وبعضهم له مقولة كفرية يقول إلى متى: تبت يدا أبي لهب وتب، يعني متى تنتهي.
مازال هذا السجود من عهد تلك الجدود
متى يزول القديم فقد سئمنا السكوت