درسنا اليوم كيف نأخذ عبراً من ذلك الزلزال الذي ضرب أمريكا على أنفها، قام جهاز ريختر فسجل سبعة وواحد من عشرة، ولو كان عشرة من عشرة لدمرت أمريكا، قوةٌ عظمى ولكن الله أعظم، صواريخ ولكن {أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] قدرة الواحد الأحد! فمن الذي يعترض على الله؟! ومن الذي يريد أن يحارب الله؟! وكيف حاربوا الله؟
حاربوا الله يوم كفروا.
حاربوا الله يوم أخرجوا الفتاة عاهرةً، زانيةً، سافرةً في الجيش، في المصانع، في الوظائف.
حاربوا الله يوم سيروا الدعارة، والخمر، والزنا، والربا في العالم.
حاربوا الله يوم قاموا مع الأقوياء، فسلبوا حقوق الشعوب، وتراث الشعوب، وجاه الشعوب، قال سبحانه: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:112].
يقول أحد التقارير من هناك: خرج كبار الموظفين في المدينة، وأخبروا أهاليهم بالهاتف أنهم يصلون بعد دقائق، لكن الله لم يمكنهم، وكتب ألا يصلوا، وضربهم بالزلزال فدمر الآتي، ودمر المستقبل، فأصبحوا شذر مذر.
وقف رئيسهم قبل أيام بوش، فنظر إلى العمارات وهي منكسة، وقال: لقد أخطأ علماء الهيئة يوم لم يقرءوا تقارير التربة والقشرة الأرضية، قلنا: يا ويلك من الله! الأمر أعظم من ذلك، القدرة من السماء {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:82] {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:102] أنتم الذين تسببتم في هذا، وهذا قليلٌ من عقاب الله {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} [فصلت:16].
وقال سبحانه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً} [الطلاق:8 - 9] والله يقول وهو يصنف الأقوام على مسرح الحياة كما يقول بعض المفكرين: كلما كشفت ووقفت على المسرح أهلكها، ثم يرفع الستار عن أمة أخرى فيهلكها، ثم يقول الله في الأخير، استمعوا يا أمة محمد!
يا أمة الإسلام!
يا أيتها الأمة الخالدة!
اسمعوا إلى العقوبات: {وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ * وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} [إبراهيم:45 - 46].
{وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ} [العنكبوت:38] انظروا إلى الأحقاف، انظروا إلى سواحل اليمن، انظروا إلى قرى قوم ثمود، انظروا إلى أراضي المؤتفكات {وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ * وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ} [العنكبوت:38 - 39].
هذا موجز، وإليكم التفصيل: {فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت:40].
يا مسلمون من ينجينا من الزلازل والفتن؟!
من ينجينا من البراكين والمدلهمات؟!
من ينجينا من عذاب الله، ومن لعنة الله؟! ومن عقاب الله؟! وأخذه، ومن ينجينا من نار تلظى؟!
لا ينجينا إلا الإيمان، والمساجد، والصلوات الخمس، والقرآن، وسنة محمدٍ عليه الصلاة والسلام، والتواصي بالمعروف والنهي عن المنكر، فعل الخير؛ هذا النجاح، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} [الكهف:30].
ولكن نسأل الذين ينهارون، وينهمرون، وينسحقون، ويسرعون إلى حضارة الغرب في أرواحهم، نقول لهم: أتريدون أن يتحول المجتمع المسلم إلى مجتمعٍ كمجتمع أمريكا؟! أو فرنسا؟! أو إسرائيل؟!
أتريدون أن يبقى الإنسان نهباً، وسلباً، وخوفاً، وتمزقاً، والله لقد عاشوا الويلات في قلوبهم؛ فاضطربوا، ومرضوا، واهتّموا، واغتّموا، ومن أراد الوثائق فليراجع كتاب الأمريكي (دع القلق وابدأ الحياة) فوالله لقد عاشوا التوتر في أعصابهم، وعاشوا الانهيار الخلقي العجيب.
امرأةٌ تستقبل رجلاً مع زوجها يفعل فيها الفاحشة في بيت زوجها، وهو يعلم ولا ينكر!
فتاةٌ تسافر من عند أبيها، وتعود حبلى إلى أبيها بلا زواج!
وخمرٌ يشرب كما يشرب الماء!
وزناً يعلن، والفحش، والعهر في الصحف، والمجلات والمسلسلات!
وأشرطة الفيديو، وأفلام الجنس تعرض على العالم! وبعض الناس طمس الله على قلبه:
وقل للعيون الرمد للشمس أعينٌ تراها بحقٍ في مغيبٍ ومطلع
وسامح عيوناً أطفأ الله نورها بأبصارها لا تستفيق ولا تعي
{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:124 - 126].
يا من طالع الصحف وسمع الأحداث! يا من استمع إلى الأخبار! اعلم أن كل ما تم في العالم فبقضاءٍ وبقدرٍ من الواحد الأحد، وفيه عظاتٌ ودروس، ولكن (مِن الناس) كما قال الله: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:179].
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:37].