وأتى مصعب بن عمير البطل المجاهد الشاب، الذي ترك الدنيا وذهبها وفضتها، وخرج مهاجراً إلى الله تعالى، فأتى يدور بسيفه كالأسد في جبل أحد يقول: [[أين رسول الله؟ قالوا: قتل، ظنوا أنه قتل، فقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران:144]]] فأنزلها الله آية بكلام مصعب، ثم قتل، {فأتى عليه الصلاة والسلام فوجده مقتولاً فبكى، وأتى ليكفنه فما وجد إلا نمرة إذا غطى بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطى بها رجليه بدا رأسه، وقال: أنت شهيد وأنا عليك شهيد} أي: أنت شهيد عند الله وأنا أشهد أنك شهيد، وذلك يوم يستشهد الله رسوله صلى الله عليه وسلم.
إنها التضحيات والبذل ودفع الروح رخيصة في سبيل الله، أما ترى الاشتراكيين والوطنيين والصليبيين والشيوعيين يوم يدفعون أرواحهم من أجل الدنيا، ويقولون: "نصنع التاريخ؟! أما أصحاب الرسول عليهم الصلاة والسلام فيدفعون أرواحهم لتبقى لا إله إلا الله".