الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون، الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع، يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير.
وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
القدس السليب دمعة في عين كل مسلم، وطعنة في قلب كل مسلم، وقضية كل مسلم، فالعرب والمسلمون قضيتهم القدس، والأفغان المسلمون قضيتهم القدس، والهنود المسلمون مصيبتهم القدس، والباكستان والأتراك يعيشون آلام القدس.
القدس قضية إسلامية وليست عربية، القدس مصيبة يحتسبها كل مسلم، ويعيش آلامها وآمالها وجراحها ودموعها كل من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
مررت بالمسجد المحزون أسأله هل في المصلى أو المحراب مروان
أجابني المسجد المحزون واختلفت على المنابر أحرار وعبدان
فلا الأذان أذان في منائره من حيث يتلى ولا الآذان آذان
مسجد استقبل محمداً عليه الصلاة والسلام، وصلى فيه إماماً بالأنبياء، وأمهم في ليلة الإسراء، مسجد فتحه وصلى فيه وبكى فيه، وأخذ مفاتيحه عمر، مسجد وصله صلاح الدين ورفع سيف العدل فيه، وأذن فيه وصلى، فبيد من هو اليوم؟
ومن يصلي فيه؟
ومن يؤم الناس في محرابه؟
ومن يخطب على منبره؟
يا ألله شامير وبيريز وموشي ديان أعداء الله، وأعداء الإنسانية يلطخون المسجد الأقصى.
مررت بالمسجد المحزون أسأله هل في المصلى أو المحراب مروان
أين عمر؟
أين طارق؟
أين صلاح الدين؟
أين معاذ وبلال؟
أين من فتحوك وطهروك، وسبحوا لله فيك؟
لا أحد، تغير على المسجد الأقصى أحرار وعبدان.
فلا الأذان أذان في منائره من حيث يتلى ولا الآذان آذان
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَولَهُ} [الإسراء:1] أسري بالنبي عليه الصلاة والسلام في ظلام الليل، ليصلي بالأنبياء هناك في مسجدنا، في أول قبلة لنا، وفي أرضنا، في مكانٍ سكبنا فيه دموعنا ودماءنا، أين هو اليوم؟
أسرى بك الله ليلاً إذ ملائكه والرسل في المسجد الأقصى على قدم
كنت الإمام لهم والجمع محتفل أعظم بمثلك من هاد ومؤتمم
أين ضاع؟
أين صار المسجد؟
ضيعناه يوم ضيعنا لا إله إلا الله، الأمة أمة جهاد، ولكنها نكلت عن الجهاد.
وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {إذا تبايعتم بالعينة، واتبعتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى تراجعوا دينكم} وبالفعل تبايعنا بالعينة، وأكلنا الربا، وسمعنا الغناء، وعشنا على المعازف، وأصبحت سهراتنا على البلوت، ونظرنا إلى الصور الخليعة، وتلهينا في النزوات والشهوات، فسلب منا المجد والكرامة والمسجد الأقصى.
أُبطل الجهاد، فلا جهاد، إسرائيل تعد وتسكت، والعرب لا يعدون ولا يتكلمون.
إسرائيل تبني كل يوم قوة، وتجهز كل شهر جيشاً، وتصنع وتدرب، وتغطي شعاع الشمس عن الأرض بطائراتها؛ لأنها تعلم أنه لا قرار لها إلا بالقوة، ولكن علم الجهاد لم يرتفع! وذهبت القدس، وأصبحت لعبة بين يدي العالم، فطعن كل مسلم في الأرض، وبكى كل مسلم يؤمن بالله في الأرض، من أجل ضياع القدس.