Q ما هي الحداثة؟ وهل الرجل الحداثي مرتد يقتل؟
صلى الله عليه وسلم الحداثة طنطنة وشنشنة ودندنة، وكثر التحدث بها، وكثرت الأسماء والألقاب، والحداثة كلمة إن كانت في اللغة فهو الشيء المستجد الجديد، قال تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأنبياء:2] أي: جديد ما سبق أن سمعوه.
وأهل الحداثة في مفهوم الأدب: هم أناس يدعون إلى الحداثة، بعضهم يقول: الهجوم أو التدمير لكل ما سلف، ويدخل في ذلك الإسلام والكتاب والسنة، وميراث الصحابة، يقول: لا نؤمن إلا بالجديد، كل قديم نفرغ عليه، وهؤلاء ألحدوا في دين الله عز وجل، وحكمهم السيف الأملح الأحمر الأبتر، وعلم من كثير من العلماء أنهم أفتوا بذلك.
ولكن التعميم عرضة دائماً للخطأ.
أما من زعم أن الحداثة معناها أننا نثور على كل قديم ولا نقبله، فهذا حكمه القتل وهو مرتد، إلا أن يتوب ويسلم، ويدخل في دين الله من جديد، وأما من ظن أن الحداثة معناها تغيير قوالب الشعر؛ وأنسجة الشعر، ولكن بغير مساس بالكتاب والسنة والرسالة الخالدة فما عليه، هذه وجهة نظر، وهذا يقبل وله ذلك، ولا يكفر إذا زاد بحراً في البحور الستة عشر، لأنه إذا خالف الخليل لا يكفر، ولا يخرج من أهل السنة والجماعة.
وإذا قال: أريد أن يكون هذا البحر كذا، والقافية تكون كذا، نقول: هذا رأيك ووجهة نظرك، لكن نقول له: لا تتدخل في الدين؛ فدونه خرط القتاد، والسيف الأملح، لا يرضى الله عز وجل ولا رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا المسلمون عامة وخاصة أن تتدخل في هذا، وإن تدخلت فنار تلظى لك في الآخرة، وسيف في الدنيا إذا كان هناك سيف.
ولذلك يقول ابن تيمية وهو يتحدث عن العفيف التلمساني: إن صح عنه ما يقول فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وجزاؤه أن يقتل ردعاً له ولأمثاله، والحداثيون كما سبق لي في بعض المناسبات ثلاثة أقسام.
منهم حداثي ما درى أين يسير؛ فقد سمع الناس يكتبون فكتب، يكتب في البيت، ويرسل لـ عكاظ تنشره، يكفي أن تخرج صورته في الصباح واسمه فلان بن فلان من مدينة أبها، وله قصيدة لا تساوي ريالين أو ثلاثة، فهذا يريد الظهور، وأمره إلى الله تبارك وتعالى، إن شاء عذبه أو غفر له، ويحاسبه الله تعالى.
ومنهم حداثي مجرم عميل ضال -نعوذ بالله منه- فهذا وسوس الشيطان له، ولعب به، ومقصوده هدم الدين، وهذا يتولاه الله في من تولى، ويرديه ناراً تلظى.
وأما الثالث: فمسلم مصلِّ صائم، لكن يحب الشعر الذي لا يكون مقفى، لأنه ما استطاع أن ينسج على المقفى، ما استطاع أن يمسك الراء في ثلاثين بيتاً، فقال: لا، ما دام هذا الشعر بلاش ورخيص؛ فأنا أنظم عليه ليكون شاعراً، فهذا بأجره وبوجهة نظره.
فهؤلاء أقسام ثلاثة: {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة:60] {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر:32] {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة:9 - 10].