ابن تيمية يدخل وعمره عشرون سنة على ابن قطلوبغا فيقول السلطان ابن قطلوبغا: يا بن تيمية! ماذا تريد؟
نسمع أنك تريد ملكنا -يريد وهو في العشرين من عمره- فيضحك ابن تيمية، ويقول: ملكك! والله ما ملكك وملك آبائك وأجدادك يساوي عندي فلساً.
وذلك لأنه عرف الله، وعرف لماذا يعيش، وعرف ما هو مصيره، ولذلك يقول وهو يدخل السجن، وهو يلتفت إلى البواب، ويضحك ضحك المؤمن القوي يوم غرس في نفسه لا إله إلا الله، يقول لما أغلقوا عليه الباب: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد:12] ثم يقول: ماذا يفعل أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري أنَّى سرت فهي معي، أنا قتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، وسجني خلوة.
فيا سبحان الله! كيف عمّر الله تلك القلوب باليقين والتوحيد، فجعلها نوراً تمشي على الأرض؟!
قال تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعام:122] هذا زرع محمد عليه الصلاة والسلام، وهذه تربية محمد عليه الصلاة والسلام.