الصفة التاسعة: عمل الطاعات والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة من صلاة وصدقة وصيام وذكر: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] وأحسن نوافل المرأة أن تربي أبناءها، وتطيع زوجها، صحيحٌ أن للمرأة ظروفاً غير ظروف الرجل، فهي تَمُرُّ بحيض وحمل وولادة ورضاع، فهي في مشقة عظيمة، فإذا اقتصدت في الطاعة أثابها الله، ولو حافظت على الخمس وشهر رمضان وطاعة زوجها في طاعة الله فهي من أعظم النساء، صحيحٌ ألا نرهقها، ونقول: تصوم الإثنين والخميس، وقد تكون مريضة أو حاملاً أو عليها مشقة لكن تتقي الله في المستطاع، وأنا أدلها على الصدقة وذكر الله، فتكثر من التسبيح والتحميد والتهليل؛ عَلَّ الله أن يتقبل منها ومنا، وتفعل المعروف، وهذا هو نجاتها عند الواحد الأحد، كسرة من خبز، وجرعة من ماء، وحفنة من تمر، ودعوة صالحة، وتسبيحة، وركعتين في ظلام الليل، وذكر لله أسعد من الدنيا وما فيها.
ولكن تقتصد، وأحذر بعض النساء ألا تنقلب في البيت إلى راهبة، يريدها زوجها فتقول: صائمة، والمرأة لا تصوم إلا بإذن زوجها، يأتي في الليل وهي عاكفة مصلية باكية حتى يبكي الزوج من هذه الحالة، فهو تزوج امرأة يسعد بها وتكون مؤمنة، أما أن يأتي في النهار فتقول: اللهم إني أصبحت صائمة لمرضاتك يا رب العالمين! فتقبل مني إنك أنت السميع العليم، يأتي في الليل وهي مصلية حتى الفجر فمتى تجد الحياة، وثيابها قديمة، ومعها مسبحة، وهي مستقبلة القبلة وتبكي صباح مساء، فلا بد للحياة من شيء، ولابد للمرأة أن تكون امرأة، تُقْبِل بقبول حسن إلى زوجها، متطيبة له، متجملة متعطرة كأن البيت معطارة، يقول العربي في زوجته:
ألم تَرَ أني كلما جئتُ زينباً وجدت بها طيباً وإن لم تطيب
وقال آخر يمدح زوجته:
تضوَّع مِسكاً بطن نعمان إن مشت به زينب في نسوة عطرات
تهادينَ من بين المحصب من مِنَى وأقبلن لا شعثاً ولا غبرات
يخبئن أطراف البنان من التقى ويقتلن بالألحاظ مقتدرات
هذا هو الإسلام، ولا ندعو في المحاضرة إلى أن تصبح المرأة لا تعرف الغسل والطيب، ولا تعرف البسمة والمزاح والدعابة، لا.
فمحمد عليه الصلاة والسلام عاش مع زوجاته، يدخل البيت فيحوله إلى كوكبة من نور، بسمة ومزاح وهدوء، حتى تقول عائشة: {كان يقطع معنا اللحم} قيل لها: {كيف كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل عليكم قالت: كان ضَحَّاكاً بسَّاماً} تكون حائضاً فيضطجع في حجرها ويقرأ القرآن عليه الصلاة والسلام، وكان يخرج رأسه من المسجد فترجل وتمشط رأسه وهي حائض، كان يتحدث ويمزح وتمزح معه، كان يرقع الثوب، ويخصف النعل، ويكنس البيت، وهو أشرف وأورع وأحلم وأكرم خلق الله؛ لكن حياته وقت البكاء فيها بكاء، ووقت الصلاة صلاة، ووقت المزاح مزاح، حياة إسلام متكاملة.
فأنا أدعو لهذا؛ لأن بعض الناس قد يشكو، فيأتي إلى زوجته فلا يجد استقبالاً، يدخل عليها فتظل تغسل الصحون وتنسى نفسها، تكنس البيت دائماً، ولا تلبس الجميل ولا تتطيب له؛ فلذلك قد يصد عنها، فليُعْلَم ذلك، وليُفْهَم هذا؛ فإن ذلك من أعظم ما يقود إلى الحب والوئام، والنفوس مجبولة على الطيب والجمال، والله جميل يحب الجمال سبحانه.