الصفة الثامنة: تنقسم إلى أمرين:
الأمر الأول: عدم التشبه بالرجال: تأتي امرأة تتحدث كما يتحدث الرجل، وتمشي مشية الرجل، وتتكلم كلام الرجل، وتجلس جلسة الرجل، فهذه ملعونة، وكذلك بعض الشباب يتحدث كما تتحدث النساء، تستجوبه أنت فيتكلم لك كما تتكلم المرأة، ويمشي كما تمشي المرأة، ويتختم بخاتم الذهب كما تتختم المرأة، ويتحنى ويختضب ويتنمص، وهذا ليس بصحيح، بل أنت رجل وهي امرأة، والعرب لا ترضى من الرجل إلا أن يكون رجلاً.
كميش الإزار خارج نصف ساقه من اليوم طلاع السعود لأنجد
فتكون مثل محمد بن حميد الطوسي وهو بطل عباسي، عمره ثلاثون سنة قاد الجيش للمعتصم، وكان هذا الرجل يحافظ على قيام الليل والنوافل، وكان من أشجع الناس، آتاه الله جسماً من أقوى الأجسام، فلما التقى في المعركة فر الجيش إلا هو، فالتفت إلى السماء وقال: والله! لا أفر حتى أقتل، فأخذ السيف وأخذ يقاتل من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر، وفي الأخير كسروا السيوف عليه وقُتِل، فيقول فيه أبو تمام:
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
تردى ثياب الموت حمراً فما أتى لها الليل إلا وهي من سندس خضر
فتىً كلما فاضت عيون قبيلة دماً ضحكت عنه الأحاديث والذكر
وقد كان طعم الموت صعباً فرده عليه الحياض المر والخلق الوعر
ثم يقول:
فأثبت في مستنقع الموت رجله وقال لها من تحت أخمصك الحشر
ثم قال له:
عليك سلام الله وقفاً فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمر
يقول: تفعل هذا وأنت في الثلاثين، فتقبله الله فأصبح شهيداً في الإسلام، أبناؤه لما سمعوا بهذه القصيدة فيه -أعظم قصيدة قيلت في الرثاء في القواد- بنوا على قبر أبي تمام قبة، وقد خالفوا السنة؛ لكن أقول: فعلوها من عجبهم، حتى يقول المعتصم: يا ليتني أنا المقتول، وقال فيَّ أبو تمام هذه القصيدة.
فأقصد من هذا أن شباب الإسلام يخرجون كمثل هذا، جدهم طارق وسعد وعمرو وخالد.
وأحد الناس له قصيدة نبطية تعجبني يمدح فيها شباب الصحوة يقول:
جدهم سعد والفاروق وابن المعلى نصرة الدين يوم الكفر طاغٍ وعات
ما بهم مطرب عن فرض ربه تولى صاحب العود مكسور القنا والقناة
من فتح غيرنا الدنيا وهلا وصلى يوم هتلر ونابليون في الفاحشات
نصرنا يا عرب من ربنا قد تدلى قرب الجيش والبارود والطايرات
وهو يقصد شباب الإسلام يقول: جدنا عمر الفاروق وسعد، وليس جدنا نابليون وهتلر -ربما استطردنا؛ لكن طبيعة الدرس لا بد أن تكون هكذا-.
والأمر الثاني: وهو عدم تغيير خلق الله: وقد مر بنا هذا وفيه خطبة مستقلة في التبرج لمن عاد إليها.