يا إخوة الإسلام! يا شباب الإسلام! أحذركم جلساء السوء: قوم جلسوا على الأرصفة يروجون المخدرات ويرتكبون المحرمات ويقاطعون الصلوات، ويستمعون الأغنيات الماجنات، قوم تخلوا عن الأدب، وحاربوا منهج الأنبياء والرسل، معهم كل لهو ولعب، صدوا عن منهج الله، وحرفوا شباب الإسلام عن بيوت الله.
الجليس السيء مؤذٍ، قال ابن القيم: وهل كان أشأم على أبي طالب من أبي جهل؟ أبو طالب أراد أن يتحرك في سكرات الموت ليقول: لا إله إلا الله -ولو قالها؛ لسعد في الدنيا والآخرة- ولكن منعه أشأم الناس عليه.
معلم الخير الزعيم العالمي المصلح عليه الصلاة والسلام كان عنده حين حضرت عمه سكرات الموت، فأخذ -صلى الله عليه وسلم- رداءه مسرعاً من البيت، وعلي بن أبي طالب -الشاب المؤمن- يقول: يا رسول الله! عمك الشيخ الضال في سكرات الموت، انظر الولاء والبراء عند علي يقول: عمك، يعني: أبي الشيخ الضال، لأنه ليس مسلماً فأخذ صلى الله عليه وسلم رداءه مسرعاً يريد أن يلحقه في ساعة الصفر -ساعة الموت- التي يذعن فيها المتكبر، ويسلم فيها الكافر، ويفتقر فيها الغني، ويلين فيها القاسي، يريد أن يظفر بلا إله إلا الله، يريد أن يحاج له بلا إله إلا الله، فدخل فجلس عنده، ولكن الجليس السيء المجرم السفاك الأجرب أبو جهل كان جالساً من قبل، فيقول عليه الصلاة والسلام: {يا عمِّ! قل: لا إله إلا الله؛ كلمة أحاج لك بها عند الله، فتنحنح أبو طالب واتكأ وأراد أن يقولها، فقال أبو جهل: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ لا تقل لا إله إلا الله، فمات على غير لا إله إلا الله}.
انظر إلى الجليس السيء هامان وقارون كان أحدهم عن يمين فرعون والآخر عن يساره، فكلما أراد أن يهتدي ويعلن لا إله إلا الله، خيبوا طريقه وأظلموا بصائره.
وهذه هي حاشية السوء وبطانة الردى، كلما أراد أحد أن يعمل خيراً أو وينتج أو ينصر الدين؛ أزوه أزاً وهم شياطين الإنس والجن، فلذلك كان فرعون في قلبه لا إله إلا الله، يقول له موسى: يا مجرم! والله إنك لتعلم أنه لا إله إلا الله، كما قال تعالى: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً} [الإسراء:102] ولكن رفضها مستشاراه ووزيراه ومفوضاه، كلما أراد أن يعلن لا إله إلا الله، رفضا ولم يضر المسيرة الإسلامية إلا جليس السوء.
والعرب تقول: الصاحب ساحب، وهو لصٌ يأخذ منك ما لا تأخذ منه.
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
يقول عليه الصلاة والسلام كما صح عنه: {مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، أما حامل المسك فإما أن تشتري منه وإما أن يحذيك، وأما نافخ الكير فإما أن يحرق ثيابك أو تجد منه رائحة منتنة} فأنقذوا أنفسكم من جلساء السوء، وعصابات الإجرام، وأصحاب الفاحشة الذين يريدون أن يكون الدين عوجاً ولا يريدون صلاحاً للعباد والبلاد والأمة.
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه، أقول هذا وأستغفر الله العظيم الجليل فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.