السؤال الأول: يقول عليه الصلاة والسلام: {أكثروا ذكر هاذم اللذات فما ذكر في قليل إلا كثره} فما هو هاذم اللذات؟ وكيف نذكره؟ وما الفائدة من ذكره؟
و صلى الله عليه وسلم روى الترمذي والنسائي وابن حبان عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {أكثروا ذكر هاذم اللذات فما ذكر في قليل إلا كثره} والحديث من رواية أبي هريرة.
وهاذم اللذات بالذال: هو الموت، وهو الذي يهدم اللذة على العبد، ويعكرها، ويقطعها؛ واللذة: كل ما تلذذ به من مال، أو حسب، أو نسب، أو جاه، أو منصب؛ أرأيت إنساناً أحمق في منصب، أو مال يذكر الموت ثم لا يتنغص!!
فقوله صلى الله عليه وسلم: {أكثروا ذكر هاذم اللذات} أي: الموت.
زاد بعض الناس: {أكثروا ذكر هاذم اللذات، ومفرق الجماعات، وآخذ البنين والبنات} والجملتان الأُخريان ليستا من كلامه عليه الصلاة والسلام.
وأما قوله: {فما ذكر في قليل إلا كثره} يعني أن من يتذكر الموت دائماً يصبح القليل عنده كثيراً، القليل من المال، والمنصب أو الجاه يكفي، ما دام أنها عبور، ويقول الأول:
طول الحياة إذا مضى كقصيرها واليسر للإنسان كالإعسار
فسيان كثرة المال وقلته؛ بل القلة قد تكون أنفع.
قال: "وما ذكر في كثير إلا قلله " أي: أن، أهل الأموال الكثيرة تقل في عيونهم أموالهم يوم يذكرون الموت.
دخل أبو العتاهية على هارون الرشيد، وكان هارون الرشيد في قصره، والشعراء يهنئونه بقصر افتتحه، فقال لـ أبي العتاهية: "كيف رأيت القصر؟ قال: اسمع مني أبياتاً، قال: ما هي؟ قال:
>>
قال: هيه، يعني: زد.
قال:
يسعى عليك بما اشتهيت مع الرواح أو البكور
قال: زد.
قال:
فإذا النفوس تغرغرت بزفير حشرجة الصدور
فهناك تعلم موقناً ما كنت إلا في غرور
هذا غرور أهل الدنيا، وهو غرور يشبه غرور البهائم، يوم يصدفون عن ذكر الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.