وفي آخر الليل -وما أدراك ما آخر الليل، حين يبقى الثلث الأخير من الليل- ينزل الله إلى السماء الدنيا، نزولاً يليق بجلاله، فيقول: {هل من سائل فأعطيه؟! هل من داعٍ فأستجيب له؟! هل من مستغفر فأغفر له؟!} أفلا تريد أن تكون ممن مرغوا وجوههم سجداً لله ولو بركعتين، ولو بسجدتين اثنتين، ولو بتسبيحات قليلة، يحفظها الله تبارك وتعالى عنده.
فيا أيها المسلمون! عليكم بقيام رمضان، وصلاة التراويح مع المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: {من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه}.
فكأني بك وقد كتبك الله في السعداء، في صحيفة من نور، وكأني بك وقد استوجَبْتَ دخول النار، فأعتقك الله مع من أعتق في ليلة من ليالي رمضان.
فالله الله في صلاة التراويح! أعلنوا قوة الإسلام بصلاة التراويح، ومراسيم الدين الخالد بصلاة التراويح مع المسلمين، وأعلنوا التكافل والتضامن في دخولكم صفوفاً وراء صفوف لتقولوا للشيوعية: ها نحن المسلمين انبعثنا للإسلام من جديد، وتقولوا للصهيونية العالمية: ها نحن أجيال محمد جئنا للدنيا من جديد، فيرحمكم الله في من رحم، ويتغمدكم في من تغمد، ويرفعكم عنده درجات.
هنيئاً لكم الصيام والقيام، كتب الله صيامكم في صيام الصائمين، وقيامكم في قيام القائمين، وأعتق الله رقابنا ورقابكم من النار، وجنَّبنا العار والدمار والشنار، إنه على ذلك قدير.
عباد الله! صلوا على المعلم الأول، رسول الهدى، وباني مجد الإسلام، فإن الله أمركم بالصلاة والسلام عليه فقال: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56].
وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً}.
اللهم صلِّ على نبيك وحبيبك محمد، اللهم اعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة يا رب العالمين.
اللهم ارضَ عن أصحابه الأطهار، من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم اجمع كلمة المسلمين، اللهم وحد صفوفهم، اللهم خذ بأيديهم لما تحبه وترضاه، اللهم أخرجهم من الظلمات إلى النور، اللهم وفق ولاة المسلمين لما تحبه، وترضاه، اللهم اجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك واتبع رضاك، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم وفق كل مسئول لكل خير، وخذ بيده إلى الصواب والرشد، وجنبه مزالق الفتنة والشر يا رب العالمين.
اللهم انصر كل من جاهد لإعلاء كلمتك، ونصرة رايتك، وتأييد سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
اللهم انصر المجاهدين في أفغانستان، وفي فلسطين، وفي كل صِقْع من بلادك، يا رب العالمين.
اللهم بعلمك الغيب، وبقدرتك على الخلق، أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا، وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا.
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضى، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم تب على شباب المسلمين، اللهم ردهم إليك رداً جميلاً، اللهم كفر عنهم سيئاتهم، وأصلح بالهم، وتقبل منهم أعمالهم، يا رب العالمين.
ربنا إنا ظلمنا أنفسنا، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.