قلتُ لليل هل بجوفكَ سرٌ عامرٌ بالحديث والأسرار
قال لم ألقَ في حياتي حديثاً كحديثِ الأحباب في الأسحارِ
قيام الليل: من أفضل الأعمال التي يلقى بها العبد ربه تبارك وتعالى، وصلاة التراويح قيام ليل، وهي إيمان وإعلان بالإيمان، وهي تغلب على النفاق، وهي إعلان على انتصار الإنسان على نفسه الأمارة بالسوء، وهي كذلك إعلان للتضامن مع المسلمين، ويوم تقومُ في التراويحِ مع الإمام يكتب الله لك قيام ليلة كاملة، وقد تكون مسيئاً، ومن يدري؟ قد تكون أسأت كل الإساءة، فلما صليتَ التراويحَ ارتَفَعَتْ دعوةٌ صادقة ممن بجانبك أو عن يمينك أو عن يسارك؛ فقبلها الله عزَّ وجلَّ وأسعدك بسبب سعادة ذاك.
فإنهم إذا اجتمعوا في المساجد باهى الله بهم ملائكته فوق سبع سماوات؛ فتقول الملائكة: {يا رب فيهم فلان، عبد خطاء ليس منهم، إنما دخل المسجد لحاجة، قال: وله غفرتُ، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم}.
ومن يدري؟ قد تكون شقياً في علم الله عزَّ وجلَّ، أو قد تكون مذنباً آثماً فاجراً، فتدخل مع المسلمين، وتضع رأسك مع رءوسهم سجداً لله خاشعين، فيدخلك الله في إحسانهم، (وهَبِ المسيئين مِنَّا للمحسنين).
ومن يدري؟ قد كانت مرت بك صحف سوداء، لطختها بالذنوب، فمرت عليك ليلة من السعادة، فأسعدك الله سعادة لا تشقى بعدها أبداً، كلما سجدت لله سجدة رفعك بها درجة، وحط عنك بها خطيئة، كما صحَّ في حديث ثوبان عند مسلم، {عليك بكثرة السجود لله فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة وحط عنك بها خطيئة}.
فهنيئاً لك وأنت تُتعِب قدميك وساقيك وأنت تسمع كلام الله يتلوه الإمام، وهنيئاً لك يوم تكون ساجداً، وراكعاً، أتظن أن الله لا يدري بك؟! أتظن أن سجداتك تذهب سدى؟! أتظن أن ركعاتك تذهب هباء منثوراً؟! لا والله، لا يقع رأسك على الأرض إلا ويرفعك الله درجة عنده.