الأمر السابع: ارتفاع نسبة البطالة عند كثير من الناس.
فكثير من الناس الآن لا يستطيع أن يتعلم وعنده عقدة من العلم، فهو أخفق في الدراسة وأخفق في العمل ولا يستطيع الدخول في الجيش، فالجيش عنده تعب والدراسة مضنية والعمل شاق، والنوم صحيح وجيد؛ وتجد شاباً يهد هذا الجدار فتقول له: اتق الله, لماذا لا تتوظف؟ ادخل الجيش.
قال: والله ما أستطيع، دربونا حتى سالت دماؤنا من ركبنا.
إذاً أدرس.
قال: لا أستطيع أن أداوم, أنا ما أفهم إذا درست.
إذاً اشتغل.
قال: ما أعرف أشتغل، مثل هذا ما يعطى، لابد أن يعمل حتى لو يبيع المساويك في الجمعة بعد الصلاة، أو يذهب في ورشة، ولو أدركه عمر بن الخطاب لبطحه على بطنه وظهره؛ لأن عمر دخل فوجد شباباً أقوياء يسبحون في المسجد, فدخل وقال: السلام عليكم، ماذا تعملون هنا؟ قالوا: نعبد الله وكأنهم أعبد من عمر، قال عمر: كلنا يعبد الله, ولكن من الذي يرزقكم ويأتي لكم بالطعام؟ قالوا: الله.
قال: أنا أدري أن الله هو المطعم، لكن من يأتي بالطعام ويقدمه لكم؟ قالوا: جيراننا.
قال: جيرانكم أعبد منكم, انتظروني.
ثم أغلق الباب وذهب وأتى بالدرة -وحيا الله عمر - ودخل عليهم فبطحهم أرضاً وضربهم حتى عرفوا القبلة، ثم قال: [[اخرجوا فإن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة]] فلا بد من العمل، وأنا أرى أنه ليس من الصحيح حتى شرعياً عدم السماح للموظفين بالعمل، لماذا لا يسمح للموظفين بالعمل؟ بشرط ألا يخل بالوظيفة, لكن إذا انتهى دوامه الثانية والنصف أو الثالثة ظهراً فلماذا لا يذهب ويشتغل, فيفتح ورشة أو دكاناً أو متجراً, وهذا في الإسلام لا يضر، ولا بد للناس من عمل.
وأحياناً الموظف الذي راتبه ألفان أو ثلاثة آلاف عنده أسرة أو أسرتان أو ثلاث أسر، وهذا لا يغطي دخله أمام مقتضيات الحياة، فلماذا لا يسمح له بالعمل يعمل ما شاء؟ لكن عليه فرض ألا يخل بالعمل في الدوام الرسمي, فإذا انتهى من عمله فليذهب أينما شاء, يخرج أصدافاً من البحر, أو يكسر الأخشاب ويبيعها, أو يبيع مساويك أو يفتح ورشة, ما دام بيعاً شرعياً فهو مطلوب، وكان السلف الصالح يفعلون ذلك، وكان لهم أعمال يحضرونها ويداومون فيها وفي آخر النهار يتاجرون, والله يقول: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة:10] يقول إذا انتهت الصلاة وسلم الإمام وسبحتم فاخرجوا اطلبوا الرزق واعملوا واشتغلوا، وأنا سوف أقرأ لكم مقالة في جريدة الندوة عن هذا الأمر.
الكاتب بالعدد والرقم أظهر أن العمال كلهم ليسوا من هذه البلاد، وأنا لا أتحيز لفئة ولا لبلد ولا لشيء, لكن لا يصلح أن يكون هناك أمة عاطلة لا تعمل ولا تؤدي ولا تشتغل ولا تبذل ولا تعطي, فالواجب السماح لهؤلاء بالعمل، ولذلك لما منع هؤلاء الموظفون من العمل زوروا, فهذا يأخذ رخصة باسم أمه وهذا باسم زوجته وهذا باسم أخته ويأخذ أعمالاً، وهذا تزوير, والواجب أن يتركوا على أعمالهم وعلى نياتهم وعلى متطلباتهم.