فما أوسع من الصراط المستقيم، فلم يقل: الطريق المستقيم؛ لأن العرب تقول للطريق الواسع: صراط، والصراط هو الذي يبتلع المارة، ولا تقول للطريق الضيق: صراطاً، وهذه من لغة العرب العجيبة الجميلة {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة:7].
فهو طريق واسع، ووُسْعُه: أن الناس لا يزدحمون فيه، ولا يتحاسدون، فأهل الآخرة لا يحسد بعضهم بعضاً؛ لأنهم في طريق واحد يتعاونون على طاعة الله، مثل: الإمام أحمد، والإمام الشافعي، فمن مقتضيات عقول البشر أن الإمام الشافعي مهنته مهنة أحمد، وهو صاحبه.
ويقال في المثل العامي: (عدوك صاحب مهنتك) فتجد النجار -الآن- عدو للنجار -إلا ما رحم ربك- يريد أن يقدح في صنعته، إذا دخل النجار إلى البيت فسنتقد الأبواب، ويقول: لو ركبها هكذا، ولو أصلحها هكذا، والخياط ينقد الخياط، والشاعر على الشاعر وهكذا.
لكن الإمام أحمد والشافعي هما من أهل الآخرة، يقول الإمام أحمد لـ ابن الشافعي: "أبوك من السبعة الذين أدعو الله لهم وقت السَّحَر" فالطريق واسع.
أما أهل الدنيا فيزدحمون؛ لأن طرق الدنيا ضيقة، إذا ذهبت إلى وظيفة سبقك إليها مائة، وإذا ذهبت إلى سيارة سبقك إليها مائة، وزاحمك على شراء الأرض ألف، أما طريق الآخرة فواسعة.