ذالصفة الأولى: القُرْب:
وصراحةً: هناك بعض الملاحظة على طنطاوي جوهري في تفسير الجواهر، حيث حوَّله إلى كتاب هندسة، وما بقي عليه إلا المثلث، والفرجار، والمسطرة، ويقول: إنه أنشأ أصول الهندسة من القرآن، والقرآن -كما يقول بعض الفضلاء- ما نزل للهندسة ولا للطب، إنما نزل لهداية الناس، ولا شك أن فيه لُمَعاً من هذه العلوم؛ لكن أن يخصص للهندسة فلا.
فمثلاً: يقول في قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ} [المرسلات:30] يقول: فيه دليل على أن زوايا المثلث منفرجة أو حادة.
ما شاء الله!
ويقول في {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]: أن فيه دليل على أن أقرب موصِّل بين نقطتين الخط المستقيم.
وهل هو الخط المُعْوَج؟!
والمقصود: أن ابن القيم في مدارج السالكين عندما قال: أقرب خط بين نقطتين الخط المستقيم وهو صحيح؛ لكن ابن القيم لا يريد أن يفسر الصراط المستقيم بأنه نزل ليبين لنا في علم الهندسة هذا الأصل؛ لكن يبين لنا أن أقرب الخطوط الموصلة هو المستقيم.
فالله ذكر خطَّه بأنه مستقيم، وذكر خطوط أعدائه بأنها مُعْوَجَّة، أي: لا توصَّل إلا بعد عناء، وإلى أين توصله؟! توصل العبد المنحرف -والعياذ بالله- إلى نار جهنم، أما هذا الخط المستقيم فيوصل مباشرة ودون عناء إلى الجنة.
من الصراط هنا إلى الصراط هناك ثم إلى الجنة.