أما الهداية العامة: فهو أن الله عز وجل هدى الناس جميعاً -الكافر والمؤمن- إلى هداية عامة، وهذه الهداية مَهْدِي بها حتى الحيوان.
فالهداية العامة أمر مشترك.
فالتبيع -ولد البقرة- إذا ولدته أمه رضع من ثديها، والطفل إذا ولدته أمه رضع من ثديها، والنحلة تذهب فتأخذ رحيق الزهر من على بُعد عشرات الأميال ومئات الكيلو مترات وتأتي إلى الخلية، وهدى النملة أن تأخذ الحب فتدخره في الصيف للشتاء، فمن هو الهادي؟ إنه الله، ويُسَمى هذا: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50] وهذا موسى عليه السلام وذلك حين سأله فرعون، وقال له: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} [طه:49]؟
قال الحسن البصري: [[كان فرعون طياشاً]] لأن المجرم هو الذي بدأ بالسؤال، وإلاَّ فالواجب أن يترك الضيف ليتكلم؛ لأن من عادة الناس أن القادم يتكلم أولاً، أما أنك تلقي عليه الأسئلة، أو محاضرة، فهذا من السفاهة، والسخف {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} [طه:49]؟
موسى ألهمه الله وعنده ترجمان؛ لكن أعطاه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى فصاحةًَ معنوية، فلو قال: ربي العالِم، لقال فرعون: وأنا عالِم؛ لأن العلم قدر مشترك، ولو قال: الحكيم، لقال: وأنا حكيم، ولو قال: الحليم، لقال: أنا حليم؛ ولكن قال: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50] قال الزمخشري: لله دره من جواب! كيف لكمه على وجهه!! ولذلك سكت وانتقل إلى سؤال آخر: من الذي أعطى كل شي خلقه ثم هدى؟ هل يستطيع فرعون أن يقول: أنا أعطيت كل شيء خلقه ثم هديت، لا.
فهما صفتان اثنتان تختصان بالواحد الأحد لا توجد في غيره، فـ {تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54] هذه في الله الواحد الأحد.
انظر لتلك الشجرةْ ذات الغصون النضرة
من الذي قومها حتى استقامت شجرة
ذاك هو الله الذي قدرتُه مقتدرة
ذو قدرة باهرةٍ وحكمة منتشرة
تقرأ {اهْدِنَا} [الفاتحة:6] في النحل حكمته، وفي النمل، والبستان، والحديقة والصحراء، والسماء والأرض.
وأما الهداية الخاصة: فهي للمؤمنين المهتدين إلى الخير خاصة.