إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
تساؤلات تمور في الذهن، ويعيشها القلب، ويفرغ لها الروح، وهي: من هم أنفع الناس للناس؟ ومن هم أهل المنجزات؟ من الذين قدموا أحسن ما يقدم للناس؛ يزعم بعض الناس أنهم أنفع الناس للناس؟
وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا
فالفنانون زعموا أنهم تراث الأمة، وأنهم شعبيتها، وأنهم صوتها الحر، قدموا العود والموسيقى والوتر، وقالوا: هذا إنجاز الشرق للغرب، وهذه حضارتنا.
الفنانون من قديم الزمن يقف أحدهم عند الكعبة والمقام يناجي رب العزة ويقول:
أتوب إليك يا رحمن مما جنت نفسي فقد كثرت ذنوب
وأما عن هوى ليلى وتركي زيارتها فإني لا أتوب
ويأتي فنان آخر عند الجمرات في الحج ويقول:
فوالله ما أدري وإن كنت داريا بسبع رمين الجمر أم بثمان
فهل يُرشح هؤلاء وأمثالهم ليكونوا هم الصفوة المختارة؛ التي تقدم ثقافة الأمة وحضارتها وصوتها؟!
ويزعم بعض الزعماء: أنهم هم محررو الشعوب، الذين رفعوا عن الشعوب التخلف والرجعية، والظلم والاستبداد والطغيان، ولكننا إذا قرأنا التاريخ؛ لوجدنا نماذج مخزية؛ من الظلم والفضيحة والاستبداد.
يسجن الحجاج بن يوسف مائة ألف مسلم ويمر عليهم يوم الجمعة، فيبكون عله أن يخرجهم من السجن فيقول: اخسؤا فيها ولا تكلمون.
ويقتل أبو مسلم الخرساني من المسلمين مائة ألف، وقيل عند الذهبي: ألف ألف مسلم -أي: مليون- وكان الحاكم بأمر الله المصري ينزل إلى السوق فإذا رآه الناس؛ سجدوا له في السوق من دون الله! ومن أمثالهم الخميني وصدام حسين فهذه لافتة الزعماء التي تدعي أنها حررت الأمة الإسلامية ورفعت رأسها، ويدعي القوميون العرب، والمظلة العربية: أنهم هم أهل السيادة في الأرض، وأن النصر سوف يتم لهم.
وحدويون والبلاد شظايا كل جزء من لحمها أجزاء
لو قرأنا التاريخ ما ضاعت القدس وضاعت من قبلها الحمراء
إنهم فضائح في جبين التاريخ، يقولون: القومية العربية، وإخاء عربي، ودم عربي، وحرف عربي، لكن بدون لا إله إلا الله.
هذه العروبة رأيناها في أيلول الأسود، وفي داحس والغبراء، وفي احتلال الكويت، وفي حماة وفي بعاث وفي صبرا وشاتيلا، تأتي جولدا مائير العجوز، فتسحق العالم العربي، وتستحذيهم؛ لأنهم تركوا {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] فمن هم أنفع الناس؟ من هم البررة في الأمة؟ يوم خرّج الغرب المهندس والطيار والطبيب وخرجنا اللاعب والمغني والموسيقار، فهاهي أمريكا تعلن أنها أجرت ستين بروفة؛ لإنزال أبولو على سطح القمر، ونحن نعلن أننا أجرينا بروفة؛ لإخراج أغنية للجماهير!
منهم أخذنا العود والسيجارة وما عرفنا نصنع السيارة
استيقظوا بالجد يوم نمنا وبلغوا الفضاء يوم قمنا
فمن أنفع الناس؟
إنهم حملة القرآن إنهم حملة لا إله إلا الله إنهم حفظة كتاب الله عز وجل، وهذا شهرنا يعيد لنا ذكر القرآن: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185].
هاأنتم تعيشون ذكرى أجدادكم، الذين فتحوا العالم بالقرآن، لم نفتحه بأغنية ولا بوتر، ولا بكرة أو موسيقى، أو ببلوت أو مجلة خليعة، بل فتحناه بهذا القرآن.
سمعتك يا قرآن والليل واجم سريت تهز الكون سبحان من أسرى
فتحنا بك الدنيا فأشرق نورها وسرنا على الأفلاك نملؤها أجرا