أيها المسلمون: كل هذه المسائل تندرج تحت العنصر الأول: الإلحاد وهذا إذا سكت عنه الدعاة وجلسوا يتصارعون ويتلاطمون ويتراكلون بينهم؛ فسوف ينتشر انتشاراً رهيباً حتى تُغزَى به بلاد ما كان ليصلها ولا ذرة من ذلك بسبب أن الدعاة تلاشوا أنا لا أنكر جهود العلماء ففيهم خير، وفيهم رُشد وصلاح، ولكني أعتب على بعض مَن لم يعِش الواقع مع طلبة العلم، وهذه -مسيرة توجه الشباب- إذا لم يقُدْها العلماء فسوف تقف أو تضيع.
إن ميزة الإسلام عندنا أن مصدر التلقي هو الكتاب والسنة، وأن القادة للشباب هم العلماء.
قال الدكتور/ سعود الفنيسان: على العلماء أن يقربوا من الشباب خطوة، وعلى الشباب أن يقتربوا من العلماء ثلاث خطوات، هذا لا بد منه، وكذلك على العلماء أن يرحموا الشباب ولا يبكتوهم، فإن الشاب في أول الهداية يكون متحمساً لكن على العالم ألاَّ يبكِّته ولا يزري به، وعلى الشاب أن يعرف قدر العلماء.
سمعتُ أن بعض الناس يقولون: العلماء هؤلاء لا يعرفون إلا الحيض والغسل من الجنابة، ولا يعرفون إلا تقصير الثياب، ولا يعرفون إلا صدقة الفطر! أقول: اتقِ الله يا أخي! أما تعرف أن لحومهم مسمومة؟! أما تعرف أن الله أثنى عليهم في القرآن؟! أما تعرف أنهم ورثة محمد عليه الصلاة والسلام؟! فإذا لم يُفتوا هم في الحيض وفي الصلاة والزكاة والطلاق والخُلع، فهل ستفتي أنت أو غيرك؟! تأتينا بالصيدليات المناوبة ودرجات الحرارة؟! إذا سألوك: كم عدة الحائض؟ أو متى تصلي وتصوم؟ تقول: لا أعرف الإسلام دين عدالة، ودين تآخٍ، الإسلام ينطلق من أطر، وينبثق من بوتقة الدعوة إلى الله.
هذا الفراغ لا يحله ولا يغطيه إلا العلماء، ونحن المسلمين على مشارب، أي: على ثغرات، قال تعالى: {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ} [البقرة:60] والرسول عليه الصلاة والسلام ما طلب من الصحابة جميعاً أن يكونوا فقهاء، لكنه وضع كل واحد فيما يستحقه، وهذه عظمة محمد عليه الصلاة والسلام
جاء إلى أبي بكر الصديق فوجده رجلاً عظمياً عملاقاً فجعله الإداري الأول ورجل الساعة والخليفة الأول.
وجاء إلى خالد فوجد أنه يعرف قطع الرءوس من الأكتاف، ويذبح الأعداء على الطريقة الإسلامية، فقال: {أنت سيف الله المسلول}.
وجاء إلى زيد بن ثابت فوجده فَرَضي، فقال: {أفرضكم زيد}.
وجاء إلى أبي بن كعب، فقال: {وأقرؤكم أبي} وإلى حسان بن ثابت فوجده شاعراً، وزارة إعلام متنقلة، فقال: {قائد الشعراء إلى الجنة حسان بن ثابت}.
إذاًَ: نطلب من الجميع التخصص، ونحن في صالة فيها كثير من طلبة العلم والأخيار، وكل يمكن أن يغطي ثغرة، وأن يسد مجالاً، ولا نطلب منهم جميعاً أن يكونوا إنشائيين، أو أُدباء، أو فقهاء؛ لكن كلٌّ مُيَسَّر لما خُلِق له.