كان صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في المسجد وهو يتحدث لهم صلى الله عليه وسلم، وإذا بـ عمر بن الخطاب مقبل، ومعه رجل، وقد أخذ عمر بتلابيب ثياب الرجل وبحمالة سيفه يقوده في المسجد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قال: هذا عمير بن وهب أتى ومعه الشيطان، فقال: اتركه يا عمر! فأطلقه رضي الله عنه وسيفه معه، فأجلسه صلى الله عليه وسلم أمامه، وكان قد أتى من مكة، قال: {ماذا أتى بك يا عمير بن وهب؟ -وهذا بعد بدر والأسارى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال: يا محمد! أتيت أفادي الأسارى الذين عندك -أي: أدفع الفدية وآخذ الأسارى- قال: كذبت، أنت جلست مع صفوان بن أمية ليلة كذا وكذا بعد صلاة العشاء بالحرم، فقلت له أنت: أما ترى ما فعل محمد بنا في بدر، قتل منا سبعين، وأسر منا سبعين، ليت لي بمن يكفيني أهلي ومالي، وأذهب إلى محمد، وأقتله في المدينة، قال لك صفوان: أنا أكفيك مالك وأهلك واذهب فاقتله، فأتيت تقتلني وما كان الله ليسلطك عليّ، قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، والله ما علم بي إلا أنت فمن أخبرك؟ قال: نبأني العليم الخبير، فأسلم واغتسل ودخل في دين الله}.
وقد ذكر ابن سعد وابن عساكر أن شيبة بن عثمان أحد بني عبد الدار، وهم أهل مفاتيح الكعبة، قال: خرجت يوم حنين ما كان لي من قصد إلا أن أقتل النبي صلى الله عليه وسلم -خرج مع جيش المسلمين أصلاً، ظاهره الإسلام- فلما التقى صلى الله عليه وسلم والتقى مع الكفار، وإذا بالكتائب أقبلت، قال: ففر الناس، فنزل صلى الله عليه وسلم من على بغلته، وغشيه الناس، وأخذ حفنة من تراب، فنثرها وقال: شاهت الوجوه، ووالله ما بقيت عين من عيون الكفار إلا دخلها شيء، فرفعت سيفي أريد أن أقتله قال: فلمع بارق بيني وبينه حتى كاد أن يأخذ بصري، فعدت فوضعت يدي على بصري فتأخرت، فقال: ادن مني ادن مني فدنوت منه، فوضع يده على صدري وقال: اللهم أعذه من الشيطان، فوالله ما رفعها إلا صار أحب إليّ من سمعي وبصري وأهلي والناس أجمعين، فأسلمت وحسن إسلامي.
فمعجزاته صلى الله عليه وسلم كثيرة، ولو أخذنا في ذكرها، لطال بنا المقام، وأحببت أن نقتصر على مثل هذه، وإلا فقد انشق له القمر عليه الصلاة والسلام، وقد أخبر بقتل كسرى، فقتل في نفس الليلة التي أخبر فيها صلى الله عليه وسلم.