نحن أهل السنة كما نزعم ونسأل الله أن يجعلنا منهم، وأن يحشرنا معهم، لا بد أن نضبط عباراتنا، وكلامنا، وأن نؤسسه على تقوى من الله ورضوان، حتى لا نأثم في الدنيا ولا في الآخرة.
وإن هناك من يصدر أحكام الكفر والفسق، وأهل السنة لهم ضوابط في الإيمان والفسق والكفر، لكن ما أسرع أن تسمع أحداً يقول: إن فلاناً كافر فاسق، خارجي مبتدع! بسبب مقولة قالها، أو كلمة لم يُسأل هو عن قصده فيها، ولم يجلس معه، ولم يحاور، ولكنا نلقي الأحكام على عواهنها، وهي خطيئة كبرى، ويجب أن نتنبه لهذا الأمر.
وأنا لا أدافع عن المبتدعة هذه الليلة، فأسأل الله أن يبعدنا عنهم، لكنها حقائق نعيشها، وأضرب لذلك مثلاً:
مات موسيقار مشهور قبل فترة، وأمره إلى الله، يمكن أنه يصلي الخمس، ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقوم بأركان الإسلام، لكنه مغن ومطرب، ويحضر حفلات محرمة، وقد سمعت كثيراً من الناس يقولون: إلى النار وبئس المصير! وهل نحكم نحن على مصائر الناس؟! وهل يكفي هذا لتكفيرنا لمثل هذا الرجل؟! ربما كانت له من الحسنات ما يغفر الله له بها في الآخرة، وأنا لا أبرر عمله المخطئ والمعصية الظاهرة التي يفعلها من الغناء المحرم، فقد أجمع أهل العلم على تحريمها.
لكن ما هي الأمور التي تستوجب دخول النار عند أهل السنة والجماعة؟ وهل يستحق هذا أن يقال عنه: إنه في النار.
وتسمع آخر يرد على كاتب مفكر فيقول: زائغ مرتد قاتله الله! إنها كلمة صعبة.
أيضاً يُلاحظ هذه الفظاظة في تعاملنا فيما بيننا وفي أحكامنا على بعضنا، وفي عدم العفو الذي يجب أن نصدره نحو البعض منا، ولكن تتلاشى هذه الفظاظة لتصبح تميعاً في قضايا المعتقد مع المبتدعة، كـ معتزلة العصر، كمرتزقة الفكر، كالمتهوكين في الأدب، كالحداثيين والعلمانيين، فلا تجد لأحد رداً عليهم، ولا يذكرهم بسوء، وقد سلموا منه، ويبتعد عن الخوض معهم، وأما على إخوانه، فيرى القذى الصغير كالنخلة، وهذا خطأ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ} [المطففين:1 - 4].
إن بعض الناس يدعو إلى تأليف القلوب مع الرافضة، أو مع العلمانية، وإيجاد الحلول والأعذار لهم، أما مع إخوانه فلا يعذرهم في مسائل تقبل الاجتهاد، وهي من قبيل اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد.
وفي ختام هذه الفقرة، أدعو إخواني جميعاً، وليدعوا معي إلى مذهب أهل السنة والجماعة، نرحب بالجهاد في أفغانستان، أو في غير أفغانستان على منهج أهل السنة والجماعة، وقد طالب العلماء والدعاة -كما رأيتم- في منشورهم قادة المجاهدين بهذا، ولعل الله أن يفتح على قادة المجاهدين في السماع لهذا وامتثاله، وأسأل الله أن يسددهم وأن يجمع كلمتهم على الحق.