الرسول عليه الصلاة والسلام عاش الحوار، يأتيه شقي فاجر وهو العاص بن وائل، كان يلبس الديباج ويوشيه بالذهب، ولكن لم ينفعه ديباجه ولا ذهبه ورحل إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم، حل إلى نار جهنم ولبئس المهاد، لم يعرف الله، ولم يسجد له، لم يتلذذ بعبوديته، لأن العبودية شرف، ووالله لو لم نتشرف بعبودية الله لنكونن عبيداً لوظائفنا ولدنيانا، وعبيداً حتى لأحذيتنا أبداً:
ومما زادني شرفاً وفخراً وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيرت أحمد لي نبيا
{أتى العاص بن وائل فأخذ عظماً ففتته، ثم نفخ فيه أمام الرسول عليه الصلاة والسلام وقال: يا محمد! أتزعم أن ربك يحيى هذا العظم بعد أن يتوفى صاحبه ويبعثه ويعيده، فيقول صلى الله عليه وسلم: نعم، ويدخلك النار، لا يعيده فقط بل يعيده ويعيدك ويدخلك النار، فيقول الله تبارك وتعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس:78]}.
نسي خلقه، نسي أنه خلق من ماء مهين، نسي مَنْ كوَّن سمعه وبصره، وأعطاه كل شيء! {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:78 - 79] فسبحان الله، وجلت قدرة الله!