قلنا: إن الطلاق في السنة هو طلاق المرأة وهي طاهر حال كونه لم يجامعها في طهرها، فإذا طلق الرجل المرأة وهي حائض فهل يقع الطلاق؟ وإذا طلقها وهي طاهر وقد جامعها في هذا الطهر فهل يقع هذا الطلاق؟ المذاهب الأربعة والذي عليه أئمة الدعوة أن الطلاق يقع، واستدلوا بما جاء في البخاري أن ابن عمر رضي الله عنه قال: (فحسبت علي بتطليقة)، ولذا بوب الإمام البخاري على هذا بما يفيد أن طلاق الحائض يقع.
وفي الطيالسي عنه صلى الله عليه وسلم قال له: (هي واحدة)، وعند الدارقطني عنه صلى الله عليه وسلم قال: (أن يحتسب تلك التطليقة التي طلقها أول مرة).
وفي الصحيحين أن ابن عمر رضي الله عنه سئل فقيل له: وهل احتسبت تلك طلقة؟ قال: فمه، ما لي لا أحتسبها، أرأيت إن عجزت أو استحمقت، وهذا يدل على أن ابن عمر احتسبها، وهو الراوي لهذا الحديث والراوي أعلم بما روى، وهذا هو الصحيح.
والقول الثاني في المسألة وهو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن قيم الجوزية وهو قول أهل الظاهر، قالوا: إن طلاق الحائض لا يقع، وطلاق المرأة في طهر قد جامعها فيه لا يقع، لأن هذا كله طلاق بدعي.
واستدلوا بما جاء في سنن أبي داود من رواية أبي الزبير عن ابن عمر وفيه أنه قال: ولم يرها شيئاً.
وأجيب عن هذا بأن قوله: (لم يرها شيئاً) يعني: لم يرها شيئاً مستقيماً مأذوناً فيه شرعاً.
وأجيب بجواب آخر وهو أصح من الجواب الذي قبله، قالوا: إن هذه اللفظة منكرة، ولذا قال الخطابي رحمه الله: قال أهل الحديث: لم يرو أبو الزبير شيئاً أنكر من هذا.
وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى عن هذه الجملة: منكرة، ولم يروها غير أبي الزبير، فقال أبو داود رحمه الله تعالى: والأحاديث كلها تخالف ما قال أبو الزبير.
إذاً: هذه الرواية منكرة، وعلى ذلك فالصحيح أن طلاق الحائض يقع، وكذلك طلاق المرأة في طهر قد جامعها فيه.