[الخامس: الإسلام].
لأن الله جل وعلا قال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:2].
وقال: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة:282] والكفار ليسوا من رجالنا.
وعلى ذلك فلا تُقبل شهادة الكافر، ولذا قال: [فلا شهادة لكافر ولو على مثله]، فلو شهد نصراني على نصراني، أو يهودي على يهودي فكذلك لا تُقبل إذاً شهادة الكافر لا تُقبل ولو على مثله.
والقول الثاني في المسألة، وهو مذهب الأحناف وقول إسحاق وأبي عبيد ورواية عن أحمد واختيار شيخ الإسلام: أن شهادة الكفار تُقبل إن شهدوا على بعضهم، فشهادة بعضهم على بعض تُقبل، وهذا هو الراجح؛ وذلك لأن الحاجة تدعو إلى ذلك لإثبات حقوقهم لئلا تضيع الحقوق.
وأما قوله جل وعلا: {وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:2]، وقوله جل وعلا: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة:282] فإنهما في خطاب المؤمنين، فإن الله جل وعلا قال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ)) إلى قوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة:282] وقال: {يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [الطلاق:1] إلى أن قال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:2]؛ فهذا في بيان أن شهادة الكافر لا تُقبل في حق المسلم وهذا مُسلّم، أما شهادة بعضهم على بعض فإنها تُقبل لأن الحاجة داعية إلى ذلك.
وهل يشترط اتحاد الملة أم لا؟ على قولين: أصحهما وهو قول إسحاق وأبي عبيد: أنها تُشترط؛ لأن الملة إذا اختلفت كان ذلك محل تُهمة، بأن يُتهم اليهودي في شهادته على النصراني أو العكس، فإذا اتحدت الملة أمِنا ذلك.
ولأن العادة أن بعضهم يشهد لبعض، فالنصارى يكتفون بشهادة بعضهم لبعض، وكذلك اليهود.
إذاً: الصحيح أن شهادة بعضهم لبعض مع اتحاد الملة تُقبل.