[وإن لم يحلف الغريم قال له الحاكم: إن لم تحلف حكمت عليك بالنكول.
ويسن تكراره ثلاثاً] ليقطع حجته، قال لعمرو في المثال المتقدم: احلف، فقال: لا، ونكل عن اليمين، فيُسن للقاضي أن يكرر ذلك عليه ثلاثاً ليقطع حجته.
[فإن لم يحلف قضى عليه بالنكول ولزمه الحق]؛ فإن عثمان قضى على ابن عمر بالنكول كما في موطأ مالك بإسناد صحيح، وعلى ذلك فإن المدعى عليه إذا نكل قضينا عليه بالنكول، وظاهر ذلك أن اليمين لا تُرد إلى المُدعي، فلا يُقال بعد ذلك للمُدعي: احلف أنك أقرضته.
ادّعى زيد أنه قد أقرض عمراً عشرة آلاف ريال، فسأله القاضي: هل عندك بيّنة؟ قال: ليس عندي بيّنة، قلنا لعمرو: احلف حتى تبرأ.
فنكل؛ فإنا نقضي عليه ونقول: إذاً في ذمتك له عشرة آلاف، ولا تُرد اليمين إلى المُدّعي فلا يقول له القاضي: احلف أنك قد أقرضته عشرة آلاف ريال، وهذا هو المذهب.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إذا كان العلم قد انفرد به المُدّعي فإن اليمين تُرد إليه.
وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: إذا رأى القاضي أن تُرد اليمين ردّها لا سيما إذا كان العلم منفرداً به.
مثال هذا: ادّعى رجل أن فلاناً الميت قد استقرض منه عشرة آلاف ريال وطالب ورثته بالسداد، فحضروا عند القاضي وقالوا: أيها القاضي إن كان عنده بيّنة فليحضرها فإننا نريد إبراء ذمة والدنا، فلم يكن له بيّنة، فقال لهم القاضي: احلفوا، قالوا: نحن لا نحلف فهذا أمر ينفرد به هو فنحن لا نحلف، نحن لسنا الذين استقرضنا حتى نحلف.
فنكلوا؛ فالمذهب أنه يُقضى عليهم ويُطالبون بعشرة آلاف من التركة، واختيار شيخ الإسلام والشيخ عبد الرحمن بن سعدي: أن اليمين ترد إلى المُدّعي فيقال للمُدّعي: احلف؛ لأن هؤلاء الورثة ليس عندهم علم حتى ينفوا ويحلفوا فاحلف أنت أنك أقرضت هذا الميت عشرة آلاف ريال فإن حلف ثبت الحق، وهذا هو الصحيح.
إذاً: إذا كان العلم ينفرد به المُدّعي ونكل المُدّعى عليه رددنا اليمين إلى المُدّعي، ومثل ذلك إذا رأى القاضي ذلك.
مثلاً: هذا رجل معروف بالصلاح وعنده مال كثير، ولا يُعرف عند القضاة إلا بخير، فأتى رجل معروف بالكذب وقال: إني أدّعي أني أقرضت هذا الرجل مائة ألف ريال، فقال القاضي لهذا الرجل الصالح: احلف، فقال: أنا لا أحلف ولا أريد أن أحلف عند القاضي، إن كان يريد أن يأخذ من مالي شيئاً فليأخذ، أما اليمين فلا أحلف، وعرف القاضي صدقه وكذب الآخر، فحينئذ يرد اليمين إليه ويقول: احلف أنت أنك قد أقرضته مائة ألف ريال، فإذا حلف أخذها.