ألفاظ تولية القضاء

قال: [وألفاظ التولية الصريحة سبعة: وليتك الحكم، أو قلدتك هو، وفوضت، أو ردِّدت، أو رددت، أو جعلت إليك الحكم] يعني فوضّت إليك الحكم بالقضاء، [أو استخلفتك، أو استنبتك في الحكم، والكناية نحو: اعتمدت، أو عوّلت عليك، أو وكلتك، أو أسندت إليك]، وهذه الكناية [لا تنعقد بها إلا بقرينه] يعني: لا تنعقد بها الولاية إلا بقرينة [نحو: فاحكم]، يعني أن يقول: اعتمدت عليك فاحكم، أو عوّلت عليك فاحكم، [أو فتولى ما عوّلت عليك فيه].

هذه الألفاظ التي ذكرها المؤلف وغيرها من الألفاظ التي تدل على الولاية إما أن تكون صريحة وإما أن تكون كناية، فإن كانت كناية فلا بد فيها من قرينة، وإن لم تكن كناية كانت صريحة فلا تحتاج إلى قرينة.

قال: [فصل].

هذا الفصل فيما تفيده ولاية الحكم، يعني ما هي الأعمال التي يقوم بها القاضي، وما الذي يدخل في ولايته؟ قال: [وتفيد ولاية الحكم العامة فصل الخصومات، وأخذ الحق، ودفعه للمستحق، والنظر في مال اليتيم، والمجنون والسفيه، والغائب، والحجر لسفه وفلس، والنظر في الأوقاف لتجري على شروطها، وتزويج من لا ولي لها].

إذاً: هذا ما تفيده ولاية القضاء عندما يولى القاضي يكون هو الذي ينظر في الأوقاف، وهو الذي يزوج من لا ولي لها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإذا اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي لها)، كذلك النظر في أموال اليتامى وأموال المجانين والسفهاء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهذا ليس له حد في الشرع وإنما يرجع فيه إلى الألفاظ والعرف.

فالعرف يختلف من بلد إلى بلد، ففي بعض البلاد تكون الأوقاف خارجة عن ولاية القاضي، ويكون هناك على الأوقاف من ينوب عن القاضي.

كذلك فيما يتعلق أيضاً بالنظر على أموال اليتامى في بعض البلاد هناك جهة مختصة خارجة عن القضاء تنظر في تنمية أموالهم وحفظها، مما يدل على أنه ليس لهذا حد شرعي، إنما يُرجع فيه إلى العرف وإلى الألفاظ، أعني إلى عُرف البلد والألفاظ التي تلفّظ بها من ولّاه، سواء كان ولي الأمر أو القائم بأمر القضاء نائباً عن ولي الأمر.

قال: [ولا يستفيد الاحتساب على الباعة، ولا إلزامهم بالشرع].

يعني: لا يفيد ذلك أن يتولى هو متابعة القائمين على أمر الباعة في السوق في البيع وفي الشراء ونحو ذلك، فهذا لا تفيده ولاية الحكم، وهذا كما تقدم يرجع فيه إلى العُرف وإلى الألفاظ، ففي بعض البلاد قد يكون أمر الحسبة كذلك إلى القاضي، وكذلك متابعة أهل السوق.

إذاً: ليس لهذا حد شرعي كما قال شيخ الإسلام وإنما يُرجع فيه إلى العُرف وإلى الألفاظ.

قال: [ولا ينفذ حكمه في غير محل عمله].

وهذا واضح؛ لأنه إنما ولّي القضاء في هذا العمل أو في هذه البلدة، فلا يحكم في موضع آخر، وإن حكم في موضع آخر فإن حكمه لا ينفذ إلا أن ينفذه القاضي في تلك البلد كما يأتي شرحه إن شاء الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015