قال: [وإخراج الكفارة قبل الحِنث وبعده سواء].
إن أخرج الكفارة قبل الحِنث أجزأ وكانت تحلة القسم، وإن أخرجها بعده فكذلك، وقد جاء في الصحيحين أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفّر عن يمينك وأت الذي هو خير) متفق عليه.
وفي رواية لـ أبي داود: (فكفّر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير).
وفي البخاري: (فأت الذي هو خير وكفّر عن يمينك).
فالتكفير يجوز أن يقول قبل الحِنث، فهذا رجل قال: والله لا أزور فلاناً غداً ولا أحضر طعامه، فجاءه بالليل من نصحه فنوى أن يزوره غداً فكفّر عن يمينه ليلاً وأتاه من الغد، فإنه يصح، وإن أخّر التكفير حتى يحنث فلا بأس بذلك.
قال: [ومن حنث ولو في ألف يمين بالله تعالى ولم يكفّر فكفارة واحدة]، قالوا: لأن موجبها واحد.
هذا رجل قال: والله لا أزور فلاناً فزاره، وقال: والله لأسافرن إلى مكة بعد أسبوع فلم يسافر، وقال لولده: والله لأضربنك فلم يضربه، ولم يكفّر حتى اجتمعت عليه الآن ثلاث أيمان، قال الحنابلة: تكفيه كفارة واحدة ما دام أنه لم يكفّر قالوا: لأن موجبها واحد؛ يعني: الذي يجب في الكفارة واحد وهو إطعام عشرة مساكين.
وقال الجمهور وهو رواية عن أحمد واختيار شيخ الإسلام: أن لكل يمين كفارة، وهو ظاهر الآية، وهو الصحيح.
إذاً: لو أن رجلاً اجتمعت عليه أيمان كلها يجب فيها كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين ولم يكن كفّر، كبعض الناس يقول: اجتمعت عليّ عشرة أيمان أو ستة أيمان ولم أكفّر، فالمذهب أنه تكفيه كفارة واحدة، والصحيح وهو رواية عن أحمد وقول الجمهور واختيار شيخ الإسلام: أن عليه لكل يمين كفارة، لظاهر الآية.
أما لو حلف يميناً واحدة على أشياء، كأن قال مثلاً: والله لا أكلم زيداً، ولا آكل طعامه، ولا أدخل داره، فهذه يمين واحدة فيها كفارة وإن تعدد المحلوف عليه، وهذا لا خلاف فيه.
وإذا تعددت الأيمان التي موجبها واحد، فسواء كان المحلوف عليه واحداً أو كان متعدداً عند الحنابلة.
أما الجمهور فيقولون: إذا كان المحلوف واحداً فهذا للتأكيد، كما لو قال: والله لا أزور فلاناً، وفي الغد يقول: والله لا أزوره، ثم يأتيه من ينصحه، فيقول: والله لا أزوره يكرر يمينه للتأكيد، فهذه فيها كفارة واحدة بلا خلاف.