الشرط الثالث للذكاة قطع الحلقوم والمريء

قال: [الثالث: قطع الحلقوم والمريء]: الحلقوم: هو مجرى النفس.

والمريء: هو مجرى الطعام والشراب.

فإذا قطع الحلقوم والمريء فقد أنهر الدم، والحديث يقول فيه النبي عليه الصلاة والسلام: (ما أنهر الدم).

وقال بعض العلماء وهو رواية عن أحمد: لا بد كذلك أن يقطع الودجين، وهما مجرى الدم، وعليه فيقطع الحلقوم والمريء والودجين.

وقال بعض الفقهاء كما في الكافي: إنه يكفي قطع الودجين؛ لأن الودجين هما مجرى الدم، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (ما أنهر الدم) وهذا هو الصحيح، لكن الأكمل أن يقطع الودجين والحلقوم والمريء.

قال: [ويكفي قطع البعض منهما]: لأنه إذا قطع البعض فقد أنهر الدم، ولو أخذ سيفاً وقطع رأسه مرة واحدة أجزأ ذلك؛ لأن هذا ينهر الدم، ولأن فيه قطعاً للجميع كما تقدم إيضاحه.

قال: [ويحل ذبح ما أصابه سبب الموت من منخنقة ومريضة وأكيلة سبع، وما صيد بشبكة أو فخ، أو أنقذه من مهلكة إن ذكاه وفيه حياة مستقرة كتحريك يده أو رجله أو طرف عينه].

أي: إذا كان في هذا الحيوان حياة مستقرة كما قال المؤلف: (كتحريك يده أو رجله أو طرف عينه) فإذا كانت فيه هذه الحياة المستقرة فأدركته فذبحته فقد حل؛ لقول الله جل وعلا: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة:3] فإذا أدركت هذه الشاة من فم الذئب وفيها حياة مستقرة فذبحتها فقد حلت، وإذا أدركتها وقد سقطت من الجبل وفيها حياة مستقرة فذبحتها فقد حلت إذاً: لا بد من الحياة المستقرة.

وقال الأحناف: إذا كان فيها حياة ولو كانت هذه الحياة غير مستقرة فإنها تذكى وتحل، والحياة غير المستقرة مثل أن تتحرك حركة المذبوح؛ قالوا: لأن النبي عليه الصلاة والسلام في حديث الجارية التي أدركت الشاة قبل أن تموت فذبحتها بحجر لم يستفصل هل فيها حياة مستقرة أم لا، وترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزّل منزلة العموم في المقال.

وقيد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا القول بأن يخرج الدم أحمر؛ لأن خروج الدم أحمر يدل على حصول التذكية؛ لأن الميتة يكون دمها أسود، وهذا ظاهر.

وعلى ذلك فالصحيح ما ذهب إليه الأحناف بهذا القيد، وهو أن يخرج الدم أحمر.

قال: [وما قُطع حلقومه أو أُبينت حشوته] أي قطعت أمعائه [فوجود حياته كعدمها]، والصحيح ما تقدم، وأنه إن أُدرك وفيه نوع حياة وكان الدم أحمر فإن تذكيته تجزئ.

قال: [لكن لو قطع الذابح الحلقوم ثم رفع يده قبل قطع المريء لم يضر إن عاد فتمم الذكاة على الفور]، وهذا واضح؛ يعني أنه قد يقطع الحلقوم ويرفع يده ثم يعود ويقطع المريء، فهذا يجزئ، وهذا ظاهر لإطلاق الحديث: (ما أنهر الدم) وهذا قد أنهر الدم.

قال: [وما عجز عن ذبحه كواقع في بئر ومتوحش فذكاته بجرحه في أي محل كان].

أي: ما عُجز عن ذبحه كناقة وقعت في بئر لا يستطيعون أن يخرجوها فينحروها.

وأيضاً: بعض الغنم تتوحش فتكون على رءوس الجبال ولا يستطيعون أن يُمسكوها فهذه تُرمى بالسهم كالصيد وتُجرح من أي موضع كانت.

ويدل على ذلك ما في الصحيحين: (أن بعيراً ند فأهوى رجل بسهم فرماه فحبسه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما ند منكم فاصنعوا به هكذا)، أي: إذا توحش ولم تتمكنوا من إمساكه وتذكيته فاصنعوا به هكذا، يعني: ارموه بسهم أو نحوه كالصيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015