قال: [وهم في شهاداتهم -إذا شهدوا- وإمضاء حكم حاكمهم كأهل العدل].
يعني: إذا طلب أحدٌ شهادة وقال: إن الشاهد في الجهة الأخرى من البغاة، فيأتي هذا الباغي إلى محاكم أهل العدل الطائفة الأخرى، ويدلي بشهادته وتقبل؛ لأنه ليس بفاسق، فعنده تأويل سائغ كما تقدم تقريره، هذا كله في طائفة البغاة الذين لا ينطلقون في قتالهم من منطلقات دينية من جهة تكفير هذه الطائفة الأخرى، أما الذين يكفرون فهؤلاء هم الخوارج، والذين يقاتلون بناء على التكفير هم خوارج؛ لأنهم يستبيحون الدماء، ويستبيحون الأموال، ويكفرون، وليس من شرط الخوارج أن يكفروا بالكبيرة؛ لأن الخوارج الذين كانوا في عهد علي رضي الله عنه وخرجوا عليه وهم أقبح الخوارج وأعظمهم، لم يكونوا يكفرون أهل الكبائر، بل ظهر تكفير أهل الكبائر بعد كما هو معلوم، ولكن هذا أصبح مذهباً لطوائف كثيرة من الخوارج، وليس كل الخوارج يعتقدون هذا، بل التسرع في باب التكفير والاستعجال في هذا الباب من غير علمٍ ودراية، ومن غير مراعاة للشروط الشرعية، هذا هو فعل الخوارج.