قد تقدم لكم أن حد الخمر يثبت بالبينة وهي شهادة اثنين عدلين، ويثبت كذلك بالاعتراف، وتقدم إيضاح ذلك، وهل يثبت بظهور رائحته، أو بأن يتقيأ الخمر؟ قال الجمهور وفيهم الحنابلة: لا يقام الحد بذلك، قالوا: لأن الحدود تدرأ بالشبهات.
والقول الثاني في المسألة وهو مذهب مالك واختيار ابن القيم: أنه يقام عليه الحد؛ لأنها لم تظهر الرائحة إلا وقد شرب، ولم يتقيأها إلا وقد شربها، ولذا قال عثمان رضي الله عنه كما في صحيح مسلم: (إنه لم يتقيأها إلا وقد شربها)، وهذا أيضاً قد صح عن عمر رضي الله عنه كما في ابن أبي شيبة.
وهذا القول أظهر لا سيما مع القرائن، كأن يكون الرجل معروفاً بالفسق ويحكى عنه شرب الخمر ونحو ذلك، فيقبض عليه وهو يتقيأ، أو وقد ظهرت منه هذه الرائحة.