قال: [ولا عقل على فقير]، الفقير لا يلزمه أن يدفع شيئاً من الديه؛ لأنه محتاج إلى المواساة.
قال: [وصبي]، الصبي ولو كان ذا مال كثير لا يلزمه شيء؛ لأنه ليس أهلاً للنصرة، ومبنى العاقلة على النصرة، وهذا لا ينصر، وهذا هو قول جمهور العلماء.
[ومجنون]: كذلك المجنون لا يعقل، يعني: لا يدفع شيئاً وإن كان من أقرب الناس إلى القاتل؛ وذلك لأنه ليس من أهل النصرة.
قال: [وامرأة]، كذلك المرأة ليست من أهل النصرة.
قال: [ولو معتقة]، يعني: ولو كانت هذه المرأة معتقة؛ لأنها عصبة، وذلك أن المرأة تكون عصبة بالعتق، ومع ذلك فإنها لا تدفع شيئاً في هذا الباب، وذلك لأنها ليست من أهل النصرة.
قال: [ومن لا عاقلة له]، إذا كانت عاقلته معدومة فما الحكم؟ [أو له عاقلة وعجزت]، أي: أن عاقلته كلها فقراء ليس فيهم قادر، [فلا دية عليه هو]، أي: الجاني، يعني: لا تكون الدية عليه، وإنما تكون في بيت المال، كما قال: [وتكون في بيت المال]، ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين: (أن النبي عليه الصلاة والسلام ودى قتيل خيبر بمائة من إبل الصدقة) يعني: من بيت المال.
إذاً: إذا كانت العاقلة معدومة أو كانت عاجزة فتكون الدية في بيت المال.
قال: [كدية من مات في زحمة كجمعة وطواف]، لو أن الناس ازدحموا في جمعة أو في طوافٍ أو في حج فتفرقوا عن ميت، فإن الدية في بيت المال، حتى لا يضيع دم المسلم هدراً.
قال: [فإن تعذر الأخذ منه]، يعني: من بيت المال، [سقطت]، أي: فلا ترجع على الجاني، ولا يطالب بها الجاني.
والقول الثاني وهو رواية عن الإمام أحمد: أنها تجب على القاتل نفسه، وهو مذهب الشافعية واختاره شيخ الإسلام، وهو الراجح، وذلك لأن الأصل في ضمان المتلفات أنها تكون على المتلف، ولأن الله قال: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء:92]، هذه الدية يجب أن تصل إلى أهل الميت، وهذا أثر فعله، وقد أوجبناها أولاً على العاقلة من باب التخفيف، ثم في بيت المال كذلك من باب التخفيف عليه، أما إذا لم يكن بيت مال ولا عاقلة فلا يضيع دم هذا المسلم هدراً، بل تجب على الجاني نفسه؛ لأن الله يقول: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء:92].
إذاً نقول: هي على العاقلة، ثم على بيت المال، ثم على الجاني نفسه.