واعلم أن الدية من الإبل إن كانت عن عمد أو كانت عن شبه عمد فتجب في المشهور في المذهب أرباعاً، خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة.
والقول الثاني في المسألة وهو مذهب الشافعية والرواية الثانية عن أحمد واختاره جماعة من أصحابه: أن الواجب في دية العمد وفي دية شبه العمد: أن الواجب ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها.
وقد جاء في سنن أبي داود والترمذي ما يدل على ذلك، وهو: (أن النبي عليه الصلاة والسلام قضى في دية العمد بثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة في بطونها أولادها).
وجاء عند الخمسة إلا الترمذي كما تقدم: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (في قتيل العصا والسوط -وهو قتل شبه العمد- مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها)، وهذا هو الراجح.
وعلى ذلك فالراجح: أن قتل العمد وقتل شبه العمد فيه دية مغلظة، هذه الدية المغلظة هي مائة ناقة: ثلاثون حقة وهي التي تم لها ثلاث سنين، واستحقت أن يطرقها الجمل، وثلاثون جذعة أكبر منها بسنة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها.
وأما قتل الخطأ فالمشهور في المذهب أنه أخماس: عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون من بني مخاض.
وقرر ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن أنها لم تقدر، وهذا هو الصحيح؛ لأن الآثار فيها مختلفة، وأقوال أهل العلم في هذا مختلفة، وكل له أثر يستدل به من السنة أو من أقوال الصحابة وآثارهم، فدية الخطأ نقول: ليست مقدرة، بل هي مائة من الإبل، والمشهور في المذهب أنها أخماس كما تقدم.
وهناك آثار أخرى تدل على غير ذلك، ولذا فإن الراجح أنها لم تقدر، يعني: لم تحدد، بل الواجب مائة من الإبل مطلقاً من غير تحديد، وأما دية شبه العمد فتقدم شرحها.