قال: [وسراية الجناية مضمونة]، إذا قطع يده من المرفق ثم سرت الجناية حتى أتلفت نفسه، ففي ذلك الضمان؛ وذلك لأن الجاني فعله غير مأذون فيه، وعلى ذلك فالسراية تتبع هذه الجناية، فتكون مضمونة؛ لأن هذا الفعل غير مأذون فيه، وما دام أن هذا الفعل غير مأذون فيه فهو مضمون، ما لم يقتص ربها قبل برئه وإلا فهدر أيضاً، فإذا اقتص قبل أن يبرأ فهدر، مثلاً رجل قطع يداً من المرفق، والجرح لم يبرأ بعد، فطالب هذا المجني عليه بالقصاص واستعجل قبل أن يبرأ فأخذ بالقود واقتص من الجاني، وقطعت يده من المرفق، ثم إن الجرح سرى حتى أتلف يده كلها، أو أتلف نفسه، فلا ضمان.
وقد جاء في مسند أحمد والحديث حسن: (أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى أن يقتص من جرح حتى يبرأ)، ولأن هذا قد استعجل هذا الشيء قبل أوانه فعوقب بحرمانه، وعلى ذلك فنقول له: انتظر حتى يبرأ، فإن أبى وطالب بالقصاص فنقول: ما بعد القصاص هدر، فما دام أنك أخذت بالقصاص فما يحصل من سراية بعد ذلك فهي هدر.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.