قال: [فصل: والواجب عليه دفع الطعام في أول كل يوم].
الواجب عليه أن يعطيها في أول كل يوم طعامها، هذا في العرف القديم، يعني إذا كان الصباح أخذ لها حفنة من أرز أو حفنة -مثلاً- من طحين وقال: هذا طعام هذا اليوم؛ لكن العرف الآن ليس على هذا.
قال: [ويجوز دفع عوضه إن تراضيا]، إن قال: أعطيك يا فلانة كل شهر خمسمائة ريال، وتكون هذه هي النفقة فرضيت فلا بأس، وإن قالت: لابد أن تأتي بالطعام فلها ذلك، لأن الواجب أن يطعمها لا أن يعطيها دراهم تشتري بها الطعام.
قال: [ولا يملك الحاكم أن يفرض عوض القوت دراهم إلا بتراضيهما]، إن ترافعا إلى القاضي فالقاضي لا يفرض دراهم إلا بالتراضي؛ لأن لها أن تقول: أنا لا أقبل الدراهم وإنما أريد أن يؤتى لي بالطعام، لأن ذلك يحتاج إلى مؤنة.
قال: [وفرضه ليس بلازم]؛ لأنه فرض غير واجب.
قال: [وتجب لها الكسوة في أول كل عام]، أي: في أول كل عام يعطيها الكسوة السنوية، لكن الصحيح أن هذا يرجع إلى العرف، فقد تتعدد الكسوة باختلاف البلدان غنى وفقراً، عسراً ويسراً.
وعلى ذلك نقول: يرجع هذا إلى العرف لما تقدم، فالقاعدة هي الرجوع إلى العرف.
قال: [وتملكها بالقبض فلا بدل لما سرق أو بلي]، لو سرق منها أو بلي لم يلزمه أن يأتي لها ببدل، والصحيح في العرف أنه يلزمه ذلك.
قال: [وإن انقضى العام والكسوة باقية فعليه كسوة للعام الجديد، وإن مات أو ماتت قبل انقضائه رجع عليها بقسط ما بقي] إذا أعطاها كسوة للعام من أوله فماتت بعد ستة أشهر أو مات بعد ستة أشهر وكانت الكسوة تسوى مائة فإنه يرجع بخمسمائة؛ لكن العرف يخالف هذا.
قال: [وإن أكلت معه عادة أو كساها بلا إذن سقطت]، هذه عادة الناس، فعادة الناس أن المرأة تأكل وتكسى من غير أن يقول: هذه كسوتك وتقول: رضيت، أو يقول: هذا قوتك وتقول: رضيت، فالعادة أنها تأكل معه في بيته وتلبس مما يأتي لها من الثياب.
ثم قال: هنا إذا غاب الزوج عن زوجته مدة، ولم ينفق عليها فهل لها أن ترجع بالنفقة، أم تسقط نفقة الزوجة بمضي الزمان؟
صلى الله عليه وسلم لا تسقط نفقة الزوجة بمضي الزمان، وهذه من الفروق بين نفقة الأقارب كالولد ونفقة الزوجة، فنفقة الزوجة لا تسقط بمضي الزمن، ونفقة الأقارب تسقط بمضي الزمن، ولذا جاء في سنن البيهقي أن عمر رضي الله عنه بعث إلى أمراء الأجناد في أناس تركوا نساءهم بأن يأخذوهم على أن ينفقوا أو يطلقوا، فإن طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا.
فالمرأة لها أن تطالب زوجها بنفقة ما مضى، فإذا تركها سنة لا ينفق عليها ثم جاء يقول: أنت الآن أكلت وشربت والحمد لله، فإنا نقول: لها أن تطالب بالنفقة، فهذا حق لها، ولذا تجب في حال عسره ويسره، فنفقة الزوجة على الخصوص دون نفقة الأقارب لا تسقط بمضي الزمان.