وربما يقول قائل: إننا في حاجة إلى التجمع وإن العقيدة تقف حائلاً بيننا وبين ما نصبوا إليه.
وهذه الشبهة يثيرونها بين الحين والحين، وأنا أقر بأننا في أمس الحاجة إلى التجميع والاتحاد، خاصة في وجه ذلك الطغيان الكفري الجارف الذي يلاحقنا في كل زمان ومكان، خاصة في هذا الزمان وخاصة في هذا البلد، نعم نحن في حاجة إلى تجمع وإلى اتحاد، ولكن هل يثمر التجمع ثماره إذا اجتمع السلفي والشيعي؟! هل تقبل أن يكون بجوارك من يقول: إن أبا بكر وعمر هما صنما قريش؟! هل تقبل من يكفر أبا بكر وعمر وعثمان؟ هل تقبل من يقول: إن عائشة وقعت في الفاحشة حقاً؟! هل تقبل من يكفر معظم الصحابة؟! وهل تقبل من اتخذ دينه غناءً ورقصاً وطرباً ونغماً، واحتفالاً بالموالد، وطوافاً حول القبور؟! لقد مررنا بتجارب عظيمة في شرق الأرض وغربها، فلما اتحدوا على غير أساس سرعان ما انهاروا، بعد أن تخلصوا من عدوهم المشترك، اجتمعت الكتائب بعضها على بعض فأمعنوا القتل والسيف في رقابهم، وفي صدروهم، فكانت النتيجة أن ضحك العالم أجمع، وبينوا للعالم أجمع أن هذا هو الإسلام، فقد ضربوا أسوأ مثل للإسلام وأهله.
فلا يمكن أبداً أن نجتمع إلا إذا اجتمعنا على العقيدة أولاً التي تثمر إيماناً خالصاً صادقاً قد زرع في القلوب وقد تمكن منها تمكن جذر الشجرة من باطن الأرض.
لا بد أن تتحد العقيدة أولاً، واتحاد العقيدة هو طوق النجاة من تلك الفتن، لا بد من الرجوع إلى الله تبارك وتعالى، ولكن لا بد أن يكون هذا الرجوع منضبطاً على أصول عقيدة الصحابة؛ لأنه بغير هذا الأصل سرعان ما ينهار هذا البناء فترجع الكرة خاسرة مرة بعد أخرى وتضيع الجهود التي تبذل؛ لأنها بذلت على غير أساس.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يمن علينا وعليكم بالعقيدة الصحيحة والإيمان الصادق الخالص.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.