نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وعن مهر البغي، وعن حلوان الكاهن، وعن كسب الحجام.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وحلوان الكاهن خبيث، وكسب الحجام خبيث).
فهذه بيوع كلها محرمة، كما أنها مخلة بالمروءة، يقول النبي عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين: (من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو حراسة أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان).
(من اقتنى) أي: من ربى كلباً في بيته بغير حاجة ولا ضرورة، والحاجة هي الحراسة للزرع ونحوه، وإلا فيحرم اقتناء الكلاب بلدية أو غير بلدية، وبعض الناس الآن يتباهى ويتشبه بفعل الغرب ويقتني الكلاب، وربما دفع فيها المئات، بل الألوف، ويفاخر القاصي والداني ببياض كلبه، أو حمرته، أو بلون عينيه، أو بطول لسانه، ويعد له مقعداً خاصاً في سيارته، ونزهه بما لا ينزه أولاده، ثم إذا أراد إلحاق الأذى بالناس وقف عند محطة سيارات أو باصات عليها العشرات والمئات من الفقراء والمساكين ينتظرون دابة بغير نول، أو باصاً بأبخس الأثمان، ثم يخرج الكلب لسانه ربع متر، فما موقف الفقراء وما شعورهم حينئذ، هو أحق، وأجدر، وأليق، وأخلق، بأن كان له أجر عند الله أن يمحو الله تبارك وتعالى أجره، ويعطيه لهؤلاء الفقراء والمساكين.
(من اقتنى كلباً إلا كلب حراسة أو صيد أو ماشية، نقص من أجره كل يوم قيراطان، القيراط الواحد مثل جبل أحد).
كم لدينا من القراريط؟ هل نحن في غنى عن فضل الله عز وجل؟ إذاً: لم نعرض أنفسنا ونحن الفقراء إلى الله عز وجل لضياع ثوابنا وحسناتنا في مثل تربيته الكلاب.
وكذلك مهر البغي، وهي المرأة الزانية، مال خبيث، سواء المال الذي تأكله، أو المال الذي تدفعه، فكله مال خبيث لا يحل الإنفاق منه بحال، حتى ولو على الأولاد والأحفاد، فإنه لا يجوز لهم، وهم في غنى عن هذا المال أن يتكسبوا منه، أو أن ينفقوا منه على أنفسهم في الطعام والشراب أو غير ذلك.
وكذلك حلوان الكاهن، المبلغ الذي تدفعه أنت إلى العراف والساحر والكاهن كل ذلك حرام، وهو مال خبيث، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (حد الساحر ضربة بالسيف).
وقال عليه الصلاة والسلام: (من ذهب إلى ساحر أو عراف أو كاهن فلم يصدقه، لم يقبل الله تعالى منه صلاة أربعين يوماً، وإن صدقه فقد برئت منه الذمة).
ونهى النبي عليه الصلاة والسلام عن كسب الحجام، مع أن النبي عليه الصلاة والسلام احتجم، وأعطى الحجام أجره، وكان أحمد بن حنبل رحمه الله إذا احتجم ناول الحجام ديناراً، فإن أبى الحجام قال: إن أخذت وإلا فلا؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام احتجم وأعطى الحجام أجره.
والجمع والتوفيق بين الروايتين: أن أجر الحجام خبيث إذا طلبه، أو اشترطه، أو غالى فيه، أما إذا أعطي بغير إشراف نفس منه فلا بأس بذلك.