Q من المعلوم أن هذه القوانين تسن عن طريق مجلس الشعب، فما حكم انتخاب أعضاء مجلس الشعب، لاسيما إذا كان من بينهم أساتذة الأزهر؟
صلى الله عليه وسلم على أية حال الأزهر ليس حجة على أحد، ولا أحد حجة على الدين، إنما الحجة هي من دين الله عز وجل على الخلائق، ولذلك يقولون: اعرف الحق تعرف أهله؛ لأن الحق لا يُعرف بأحد، وإنما يُعرف كل أحد باتباع دين الحق، وهذا معنى قولهم: اعرف الحق أولاً تعرف أهله.
أما إذا كنت تجهل الحق فلابد أنه سيثقل عليك؛ ويلتبس عليك الحق بالباطل.
أما حكم انتخاب أعضاء مجلس الشعب فالذي يترجح لدي هو عدم الجواز، خاصة في مجلس الشعب المصري؛ لأن هذا المجلس أو مجلس الفاطمية وإن كانوا وزراء وقادة وسادة، لكنهم حثالة المجتمع، هم أميون وإن تخرجوا من الأزهر، أميون وإن كانوا دكاترة، أميون وإن كانوا وزراء، هم من جهة العلم الشرعي أميون تماماً لا يعرفون شيئاً، ومع هذا هم يجهلون أنهم جهال.
فهذه بلية أخرى مؤكدة، فضلاً أن هؤلاء الذين يسنون لنا القوانين لها تعلق في أمور الشرع، وفاقد الشيء لا يعطيه، فإذا كان هو أجهل من دابته، فكيف يقول لنا: إن هذا دين، وهذا ليس ديناً؟ وهذا من الفتن والبلايا التي تمر بها الأمة الآن، لا أسحب هذا الحكم أو هذا الرأي وهو رأيي الشخصي على جميع مجالس الأمة في جميع البلدان، فإن من البلدان ما قد امتنعت تمام الامتناع عن الدخول في مجلسها، وأنا في الكويت منذ أقل من سنتين دعاني أحد الأفاضل وهو الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، وهو أحد كبار العلماء في الكويت، وأصله مصري، فدعاني لحضور استجواب وزير الثقافة والتعليم في الكويت، لما أذن بدخول بعض الكتب المخالفة للإسلام في معرض الكتاب الكويتي، فقام إليه أحد أعضاء مجلس الأمة هناك وهو سلفي ليستجوبه علناً في جلسة علنية لمجلس الأمة، وكانت جميعة إحياء التراث هناك قد شنت هجوماً عظيماً على الشيخ عبد الرحمن؛ لأنه يجيز الدخول في مجلس الأمة هناك، فقالوا لي: ما رأيكم فيما يقول الشيخ؟ قلت: الشيخ أخطأ؛ لأن الدخول في مثل هذه المجالس النيابية أمر غير مشروع، ثم ناقشت الشيخ في بيته، فقال: لابد أن تحضر معي غداً مجلس استجواب الوزير، فأبيت، فأقسم علي، وفي نهاية الأمر دخلت، فإذا المجلس في الحقيقة مجلس محترم، وإن لم يكونوا أصحاب توجه شرعي، فعلى الأقل يحترمون الشرع جداً ويفضلونه جداً، ويعظمونه جداً، بل ويقفون عند حد يعلمون أنهم فيه جهال، ثم يتوجهون إلى إخوانهم من بقية أعضاء المجلس فيستفتونهم في الأمور الشرعية التي لا علم لهم بها، احتراماً وتبجيلاً وتعظيماً للشرع، هذا حدث في المجلس في الجلسة الواحدة ثلاث مرات من رئيس الجلسة، يقيم أحد أعضاء المجلس وهو رجل متفقه في دينه وسلفي صاحب عقيدة سليمة يقول له: يا فضيلة الشيخ! ماذا قلت: في كيت وكيت، ثم يضع يده على رأسه ويقول: الإسلام على رأسي من فوق.
أما في مجلس الشعب المصري فالإسلام تحت نعالنا بلسان حالنا، إذا قام أحد الأعضاء على استحياء يطلب تقرير أمر شرعي يرمونه بألسنة حداد، وبالسفاهة وبالتأخر وبالرجعية وبالتنطع والتشدد تارة وغير ذلك من هذه المصطلحات التي تؤدي إلى جهنم عياذاً بالله.
فالحقيقة أنا تأثرت جداً بالمجلس الكويتي، لا أقول: لما فيه من إسلام، لكن لما فيه من أدب واحترام لآدمية البشر، فقال الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق هذا يا أخا الإسلام المجلس الذي قلت بجواز الدخول فيه، لم أقل بجواز الدخول في مجلس البلطجية الذي في مصر، فقلت: والله أنا الآن كدت أن أوافقك، كدت أن أوافق على الدخول في مجلس فيه مساحة للتفاهم على أعلى مستوى، لكن إذا كان أصل التفاهم في حرب الإسلام وأهله فلا.
إن من يطالب بأدنى جزئية ترضي الله عز وجل أو ترضي رسوله، فإن الكل يقوم عليه قومة امرأة واحدة لا أقول: قومة رجل واحد؛ لأن هؤلاء في الحقيقة ليسوا رجالاً، إنما هم أشبه بالمخنثين، فكيف ننتخب هؤلاء؟ وكيف يمثل هؤلاء؟ وهو مجلس تشريعي الغرض منه سن القوانين التي تحارب الله تعالى وحده، فهذا مجلس ميئوس من صلاحه أبداً، لا علاقة له بالإسلام وأهله، وهو إلى الردة أقرب؛ ولذلك نحن نحذر في كل انتخاب لهذا المجلس من الدخول أو المساعدة بأي وجه من وجوه مساعدة الأعضاء في دخول هذا المجلس.