حكم تمثيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والطعن فيهم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد: أيها الإخوة الكرام الأحباب! المسلم يوطن نفسه، وليس إمعة، ويعالج المواقف من منظور شرعي، ولا يكن مع الناس إن أحسنوا أحسن، وإن أساءوا أساء، وإنما الأمور تقدر بمنظورها الشرعي من الكتاب والسنة.

وقبل أن أبدأ في قراءة فتوى دار الإفتاء، وفتوى المجمع الفقهي المنعقد بمكة المكرمة بشأن تمثيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أذكر مسألة: هل يجوز شرعاً أن يمثل ممثل معاوية أو عمرو بن العاص أو بلالاً أو غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم؟ ففي تمثيلة (حلم فجر الإسلام) أتوا بـ بلال وخرج يؤذن، وصوته قبيح، فهل هذا هو بلال؟ نسأل الله العافية، وهكذا مثلوا سمية، وعماراً، وطلحة، وأبا موسى الأشعري وغيرهم من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل عرض فيلم لشخصية موسى عليه السلام، وكان من الممثلين من قام بدور موسى، قام بذلك وهو سكير عربيد أحمق، نسأل الله العافية، يقول صلى الله عليه وسلم: (من رآني في المنام فقد رآني حقاً، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي).

إذاً: الله عصم الأنبياء من أن يتمثل الشيطان في صورتهم؛ لما لهم من الكمال، وكذلك لا يمكن لمخلوق منا أن يصل إلى درجة الأنبياء، فلهم الكمال الخلقي والخلقي، فكيف آتي برجل وأجعله ممثل دور نبي، أو دور صحابي؟! والصحابة بإجماع أهل السنة كلهم عدول، لذلك قالوا في الحديث المرسل: هو ما رفعه التابعي إلى رسول الله، يعني: أن التابعي قال: قال رسول الله، فإما أن يكون أسقط منه تابعياً، وإما أن يكون أسقط منه صحابياً، فإن علمنا أنه أسقط الصحابي، فلا يضر؛ لأن الصحابة كلهم عدول لا يخضعون لجرح أو تعديل، يعني: في علم الجرح والتعديل لا يمكن أن تبحث في درجة الصحابي وتنظر هل هو ثقة أو غير ثقة، كما أنه لا يمكن أن تقول عن صحابي: إنه كذاب، لا يمكن بحال، فلا يخضع الصحابة لعلم الجرح والتعديل؛ لأن أهل السنة والجماعة أجمعوا على أن الصحابة كلهم عدول.

وهذه فتوى لفضيلة الشيخ جاد الحق، صدرت في (7) شوال سنة (1400هـ) الموافق: (17) أغسطس (1980م) وفيها: هل يجوز تمثيل شخصيات الأنبياء والصحابة؟ فأجاب عنها، وبعد أن أجاب قال: وإني لأهيب بالمسئولين عن الإذاعة والتلفزيون أن يبادروا إلى تصحيح ما وقع من تجاوز في هذا المسلسل، إن كان ما ألمحت إليه الأهرام فيما نشرت صحيحاً، وأهيب بالمسئولين عن الثقافة في المسارح أن يعيدوا النظر فيما لديهم من قصص من القرآن أو السنة الشريفة، وأن يرفعوا كل ما كان فيه من تشخيص لنبي، أو زوجته أو ولده، أو والده أو والدته، أو أحد أصحابه؛ لأن هذا ينطبق على الأنبياء وعلى صحابتهم.

فلا يجوز أن يمثلوا بحال، ومن أجل هذا أهيب بالمختصين في مجمع البحوث الإسلامية أن يتخذوا الإجراءات القانونية، في حال ثبوت مخالفة النصوص المعتمدة في القصص القرآني، أو المستمدة من السيرة النبوية لوقف إذاعتها، أو إخراجها تمثيلاً أو تصويراً.

هذا ما قاله في الفتوى، ولا أدري ماذا حدث لمجمع البحوث حتى وافقوا على أن يمثل أصحاب رسول الله، أو أن تمثل زوجة نبي، أو ابنة نبي، فهذا مخالف للشرع، فيا أهل الحل والعقد! أستحلفكم بالله أن توقفوا هذا الهراء في شأن أصحاب رسول الله، فهذا عمرو بن العاص جاءت في حقه أحاديث منها: قوله صلى الله عليه وسلم: (أسلم الناس وآمن عمرو)، فهذا ثناء على عمرو.

ومعاوية فيه أحاديث منها: (أول جيش يركب البحر مغفور له) وأول جيش ركب البحر هو في خلافة معاوية.

أما فتوى مجمع الفقه الإسلامي بالقرار الثابت بإجماع العلماء فقال: إن مقام النبي صلى الله عليه وسلم عظيم عند الله وعند المسلمين وانتهوا إلى حرمة تمثيل الأنبياء، ثم قال: وكذلك يمنع ذلك في حق الصحابة، فإن لهم من شرف الصحبة والجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدفاع عن الدين، والنصح لله ورسوله، وحمل هذا الدين والعلم إلينا ما يوجب تعظيم قدرهم، واحترامهم وإجلالهم، فلا يجوز أن يمثلوا بحال.

هذه فتوى مجمع الفقه بإجماع أهل العلم، فهاتان فتويان واضحتان بينتان، ومع هذا كله تغاضوا عنهما، وأصبحوا الآن يقدحون في أصحاب خير الأنام محمد، فنقول: لصالح من؟ ولحساب من؟ وقديماً كان الرافضة الشيعة يقعون في أبي بكر، ويقعون في عمر، ويقعون في عائشة، ويقعون في أصحاب رسول الله عليهم الصلاة والسلام، فألف ضياء الدين المقدسي: النهي عن سب الأصحاب وما فيه من الإثم والعقاب.

ثم ختم بأبيات لـ عبد الله بن المبارك قال فيها: فلا أسب أ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015