الحمد لله رب العالمين، الذي جعل البيت مثابة للناس وأمناً، فكل شيء فيه آمن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمر خليله إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج فقام إبراهيم ونادى فوصل النداء إلى من قدر الله له أن يصل، فقال سبحانه: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج:27 - 28].
وأشهد أن نبينا ورسولنا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، قال لأصحابه في حجة الوداع: (خذوا عني مناسككم؛ فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا) بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من شيء يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شيء يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، أنزل الله عليه في يوم عرفة في حجة الوداع في يوم الجمعة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3]، وأنزل الله عليه في أيام التشريق: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر:1 - 3].
أيها الإخوة الكرام الأحباب! هنيئاً لمن قدر الله له أن يحج، سائلاً المولى عز وجل أن يكتب لمن لم يحج أن ييسر الله له حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً وعملاً صالحاً متقبلاً؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وبعد: ففي مثل هذه المناسبات اعتدنا أن بيان الأحكام الفقهية من الأهمية بمكان، والأحكام الفقهية تزداد وضوحاً بالسؤال والجواب ومن ثم سنبدأ بحول الله وفضله وتوفيقه بيان مناسك الحج والعمرة من خلال أسئلة:
Q ما الذي يجب على الحاج قبل أن يسافر لأداء هذه الفريضة العظيمة؟
صلى الله عليه وسلم الواقع إخواني أنه يجب على الحاج قبل أن يسافر من بلده عدة أمور حتى يقبل منه الحج: الأمر الأول: أن يصحح النية، قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات) ولما نظر عمر رضي الله عنه إلى حجاج بيت الله قال: الركب كثير والحاج قليل.
والمعنى: أن حجاج بيت الله كثر، لكن أصحاب النية الصحيحة قليل، فمن الناس من يذهب للحج ليحصل على هذا اللقب، فتجده قبل الحج قد رسم طائرة على جدران بيته وكتب على الجدران: حج مبرور وذنب مغفور، وهذا قبل السفر، فيقطع بمغفرة الذنوب، ثم عند إقلاعه يركب السيارة وعليها العلم الأبيض يرفرف، والناس من خلفه بالسيارات تزفه! وهذا كله يدعو للرياء، فلابد أن تخرج وأنت تخلص النية لله عز وجل قاصداً بيت الله وتدعو الله أن يقبل منك.
ثانياً: أن يرد المظالم إلى أهلها، فيراجع الأوراق ويفتش في العلاقات، فإذا أغضب هذا يصالحه، وإذا أساء إلى هذا يستحله، وإذا قذف عرض هذا يدعو له بالمغفرة، فالمظالم المادية لابد أن يردها أيضاً قبل رحيله.
ثالثاً: أن يعزم على التوبة الصادقة، لا أن يرحل للحج وهو يعزم على أن يعود للمعصية بعد أن يعود، فقد سبق الإصرار على المعصية الحج، فلذلك عمله حابط؛ لأن من شروط قبول التوبة: العزم على ألا يعود إلى المعصية أبداً، فعليه أن يخلع عباءة الجاهلية؛ فإن كان مدخناً ترك التدخين وأقلع، وإن كانت زوجته متبرجة أمرها بالحجاب، ولا يصر على معصية ربه سبحانه وتعالى.
هذه بعض الآداب التي ينبغي على الحاج أن يراعيها قبل سفره، والله تعالى أعلم.