الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى أصحابه الغر الميامين.
وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وخالق الخلق أجمعين ورازقهم.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله.
أيها الإخوة الكرام الأحباب! لا قيمة للأقزام إن ناطحوا السحاب، فأصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يكفيهم شرف أن الله أثنى عليهم، والآيات في الثناء عليهم كثيرة، كفى أن تعلم أن الله قال في حقهم: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة:119].
وكفى أن تعلم أن الله قال في حقهم: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح:26].
وكفى أن تعلم أن الله قال فيهم: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] والبعض يقول: إنها نزلت في أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.
وكفى أن تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال فيهم: (أنتم شهداء الله في الأرض).
بالأمس عرض مسلسل رجل الأقدار! عمرو بن العاص.
وأعيد ويعاد؛ لفرط إعجابهم به، وفيه حوار بين عمرو بن العاص وبين معاوية، يقول عمرو: يا معاوية! لن أقبل أن توليني على مصر إلا أن أستأثر بخراجها فلا تأخذ منه جنيهاً واحداً، أي: أن عمراً يسعى للدنيا، ويحب المال، فيصورون الصحابة على أن كل صحابي يريد الدنيا لنفسه، ولا يتأدب مع أخيه، وهذا إجرام أيما إجرام.
واسمع إلى ما كتب هذا المصنف فيما يدرس على أبنائنا، يقول هداه الله: لم تلق سياسة عثمان قبولاً من بعض المسلمين في الأمصار، فعابوا عليه أنه عزل الولاة، وأنه أحل أقاربه.
يعرضون به أنه ولى ابن أبي السرح أخاه من الرضاعة على مصر، وولى معاوية الشام، وأخذ يعزل من عينهم عمر، وعين الأقارب رغم عدم كفاءتهم، ولم يكن على هدي أبي بكر وعمر، يقول هذا في عثمان، وأنه يحابي أقاربه على حساب دين الله، هكذا يكتب! ثم انظروا إلى ما كتب المؤلف في حق عمرو بن العاص: اتفق الطرفان - معاوية وعلي - على أن يختار كل منهما رجلاً، فاختار علي أبا موسى، واختار معاوية عمرو بن العاص إلى أن قال: فرفض أبو موسى حكم عمرو بن العاص؛ لأنه غدر به وخانه.
فـ عمرو كائد وخائن، ويحب الدنيا! هكذا يصورون لنا أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
يطعنون في عثمان الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (ما ضر عثمان ما صنع بعد اليوم).
والذي قال النبي صلى الله عليه وسلم في حقه: (لو كان عندي ثالثة لزوجتها عثمان).
يطعنون في الصحابة الذين منهم من غسلته الملائكة، ومنهم من اهتز عرش الرحمن لموته، ومنهم من كان يفر الشيطان من طريقه، ومنهم من يدخل من أبواب الجنة الثمانية؛ هؤلاء هم أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، لكن الأقزام ومرضى القلوب يطعنون في هديهم، حتى وإن حدث شجار بين صحابي وآخر، فهذا اختلاف نقول فيه: المجتهد فيهم إن أصاب له أجران، وإن أخطأ له أجر.
فهذا سب لـ معاوية وسب لـ عثمان وسب لـ عمرو بن العاص من أرباب الفن.
والطامة تزيد حينما يدرس على أبنائنا هذا الكلام، حينما يدرسون اتهاماً لـ عمرو بالخيانة والمكيدة، واتهاماً لـ عثمان أنه حابى أقاربه.
فيا قوم! عودوا إلى كتاب (العواصم من القواصم) لـ ابن العربي، فقد ردَّ على هؤلاء جميعاً، وهكذا (منهاج السنة النبوية) لـ ابن تيمية، وما ولى عثمان معاوية الشام منفرداً، إنما تولى معاوية الشام في عهد عمر، فقد ولاه عمر الشام، وسار عثمان على هديه.
قال: وولى الوليد بن عقبة وكان سكيراً، وطعنوا في الوليد، وهذا إجرام، قال: وخان وولى فلاناً وعزل فلاناً، واستأثر بالخراج، وطعن في نيته إلى غير ذلك.
وعلماء السلف يقولون: نكف عما شجر بين الصحابة من خلاف.
فلا تعرض نفسك أبداً لخلاف كان بينهم؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تسبوا أصحابي)، واحذر من الوقوع فيهم، ومن التعرض لأحدهم، وأما هل يجوز تمثيل الصحابي؟ فهذا ما أجيب عنه في اللقاء القادم إن شاء الله.
ففي حكم تمثيل الصحابي فتوى لدار الإفتاء أستصحبها معي، وفي التمثيل ترى زوجة عمرو أو