إن القرآن له منهج يختلف عن الكتب السابقة في قصصه، فمن منهج القرآن عدم الاعتناء بالأسماء التي لا تؤثر في مضمون القصة، وفي الكتب السابقة ذكر أسماء ابني آدم، ومما يدل على أن القرآن لا يعتني بما لا يؤثر في القصة قوله تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} [القصص:20] ما هو اسم الرجل؟ اسم الرجل لا يؤثر، أصحاب الكهف كم عددهم؟ عددهم لا يؤثر، قال: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} [يوسف:39] من هم أصحابه في السجن؟ هذا لا يؤثر.
فالقرآن منهجه عدم الاعتناء بالأسماء طالما أنها لا تؤثر في مضمون القصة، كذلك عدم الاعتناء بالأرقام والصفات، {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} [البقرة:73] ببعض البقرة برأسها أو بذيلها أو بقدمها بأي جزء منها لا يؤثر، والله قال لموسى عليه السلام: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه:12] ما صفة النعلين؟ ما طولهما؟ ما طبيعتهما؟ لا يؤثر، فهذا يعلمنا أن نعتني بما يؤثر.
قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ} [المائدة:27] ففي كتب السابقين: قابيل وهابيل، ولم يثبت عندنا نص صحيح من رسولنا صلى الله عليه وسلم في شأن اسمي ابني آدم.
والإسرائيليات معناها باختصار: القصص التي جاءتنا من كتب السابقين، وهي على ثلاثة أقسام، إما أن تكون الإسرائيليات توافق شرعنا فهذا نقبله، فقصة الأبرص والأقرع والأعمى من قصص السابقين، وقصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفساً من قصص السابقين، وقصة غلام أصحاب الأخدود من قصص السابقين، وهذه القصص جاءت على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا هو القسم الأول من الإسرائيليات.
القسم الثاني: إسرائيليات تعارض ما عندنا من الشرع، ترد ولا تقبل.
القسم الثالث: إسرائيليات مسكوت عنها عندنا، يقول في حقها النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نصدقهم ولا نكذبهم).
فهذا هو منهجنا في تلقي الإسرائيليات، أما الإسرائيليات التي تصطدم مع شرعنا فكثيرة وعديدة، الأمر الذي دفع بعض علمائنا إلى أن يفند للإسرائيليات مصنفات: الإسرائيليات في كتب التفاسير، الإسرائيليات والموضوعات في التفاسير للشيخ أبي شهبة؛ لأنك تقرأ أن داود عليه السلام في كتب التفاسير أحب زوجة رجل من جنوده، فأراد أن يتخلص من زوجها فجعله في مقدمة الجيش؛ لأنه أراد أن ينفرد بها! فهل هذا يليق بنبي؟ لا يمكن أن يُقبل.
وتقرأ أن يوسف عليه السلام خلع سرواله، وهم بامرأة العزيز ليزني بها ويقع عليها، لولا أن رأى جبريل يعض على يده على هيئة أبيه، فهل تقبل هذا يا عبد الله؟! لا تقبله، حتى وإن ذكر عند ابن كثير والطبري والقرطبي لا يُقبل، فهذه الإسرائيليات مرفوضة؛ لأنها تسللت إلى كتب التفاسير فسماها العلماء الدخيل في التفسير، أي: الذي يصطدم مع أصول شرعنا، فلا نقبل بحال أن يُقدح في عصمة نبي، كذلك يقولون: إن النبي عليه الصلاة والسلام ذهب إلى بيت زيد بن حارثة ليسأل عنه، فخرجت زينب بنت جحش، فرفعت الجلباب عن قدميها وعن ساقها، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى حسن ساقها، فوقعت في نفسه، فأمر زيد أن يطلقها لينفرد بها، هل هذا يقبل في حق رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ وبعض الناس حاطب ليل يجمع دون تمييز.
فيا عبد الله! إن الأمة الإسلامية مستهدفة، فقد وضع لها الأعداء إسرائيليات موضوعات مكذوبات تصطدم مع ما في شرعنا.