إطعام الطعام

ونؤكد على إطعام الطعام، فإذا أردت أن تصوم أكثر من رمضان ففطر صائماً على تمرة، أو على شربة ماء، ففي هذا الفضل العظيم، وقد كان من السلف -كـ ابن عباس - من لا يأكل الطعام في رمضان إلا مع اليتامى والمساكين؛ لفضل هذه النفقة في رمضان، قال صلى الله عليه وسلم: (من فطر صائماً كان له من الأجر كأجره)، فتمرة واحدة تعطيك هذا الأجر، فكم نحن في غفلة والذي نفسي بيده! فتمرة واحدة تعطيك أجر صيام يوم كامل، فما الذي يمنعك من أن تشتري كيلو تمر وتقف على الطريق العام وتعطي الصائمين؟ واعلم أن ذلك لن يضيع عند ربك، قال عز وجل: {مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل:96].

ثم أقول للأغنياء: اتقوا الله في أنفسكم، كم من أصحاب أموال يبخلون بمالهم على عباد الله؟! جاء شهر الإنفاق، قال ابن عباس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان)، وفي صحيح البخاري: (أنه صلى يوماً بأصحابه، وبعد الصلاة التفت بوجهه وقام مسرعاً إلى حجرته، ثم خرج وجلس في مصلاه، فقالوا: يا رسول الله! رأيناك فزعت وانطلقت بعد الصلاة؟ قال: تذكرت أن في حجرتي تبراً -أي: ذهباً غير مصفى- من مال الصدقة فخشيت أن يقبضني الله قبل أن أتصدق به).

فإلى أصحاب الملايين والمليارات الذين يبخلون على عباد الله: هذا تبر من ذهب فزع منه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه خشي أن يقبض قبل أن ينفقه في سبيل الله.

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان أجود بالخير من الريح المرسلة، فرمضان فيه القيام، وقراءة القرآن، والإنفاق، واعتكاف العشر الأواخر، والعمرة، قال صلى الله عليه وسلم: (عمرة في رمضان تعدل حجة معي)، وقال: (من صلى الفجر في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تشرق الشمس ثم صلى ركعتين كتب له حجة وعمرة تامة تامة تامة) حسنه الألباني في صحيح الجامع، ففرغ نفسك يوماً في الأسبوع لتنال أجر الحج والعمرة.

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يجلس في مصلاه بعد الفجر يقرأ القرآن ويذكر الله حتى ترتفع الشمس فيصلي ويقول: هذه غدوتي، إن لم أفعلها انهارت قوتي.

ففي طاعة الله القوة، وفي طاعة الله العطاء، فهيا بنا نعود إلى فعل الخيرات، ويا باغي الخير! أقبل، ويا باغي الشر! أقصر، يا أيتها المتبرجة! أقصري، يا آكل الربا أقصر، يا أهل الفن أقصروا، كفاكم هزلاً ولعباً وإفساداً للعباد، يا أهل القرآن أقبلوا، يا أهل القيام أقبلوا، يا أهل النفقة أقبلوا، يا أهل الدعاء اقبلوا، فقد جاء رمضان.

اللهم إنا نسألك أن تبلغنا إياه، وأن تيسر لنا قيامه، وأن توفقنا لصيامه.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015