ثانياً: قيام رمضان، قال صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وانتبه فهناك فريق يدعو إلى النار، وفريق يدعو إلى الجنة، ففي وقت القيام الجوائز بالجملة من المسلسلات والفوازير، فهذا يبحث عن المليون، وذاك يبحث عن كم ألف، لكن العبد الصالح يعرف ما هو الباقي له، فانتبه فإنها مؤامرة على صلاة القيام، لذا يعرض ما يشتاق إليه المشاهد في وقت القيام.
أخرج البخاري في صحيحه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمسلمين صلاة التراويح في أول ليلة في رمضان، وصلى بهم الليلة الثانية، وفي الليلة الثالثة اكتظ المسجد عن آخره -الكل يريد أن يصلي خلف النبي عليه الصلاة والسلام- فلم يخرج إليهم، وفي صلاة الفجر قال لهم: لم يخف علي مكانكم، لكني خشيت أن أخرج إليكم فتكتب عليكم)، أي: أنه تركها عليه الصلاة والسلام رحمة من أن تفرض عليهم، ولما جاء عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه جمع الناس على أبي بن كعب وتميم الداري وقال: نعمت البدعة هي، ولذا تجد أصحاب البدع يقولون: هذه بدعة حسنة، ويستدلون بقول عمر، وعمر ما أراد هذا أبداً، وإنما أراد البدعة بمعناها اللغوي لا الشرعي، فإن عمر لم يأت بفعل جديد، وإنما فعل أمراً فعله النبي صلى الله عليه وسلم، والعلة زالت بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام، وهي: خشية أن تفرض صلاة القيام، فخرج عمر وأمر من يصلي بالناس.
ومما نؤكد عليه أيضاً في صلاة القيام: أنه لا ينبغي أن تترك الوتر مع الإمام؛ لما ثبت في السنن: (من صلى مع إمامه حتى ينصرف من صلاته كتب له قيام ليلة)، فلا ينبغي أن تقول: أوتر في بيتي وأترك الإمام، بل صل مع الإمام حتى ينتهي، وإن أردت بعد ذلك أن تصلي في بيتك فلا بأس بشرط ألا توتر مرة ثانية؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا وتران في ليلة).