من الناس من يزهد في الدنيا ويرغب في الآخرة؛ لأن السعي في الدنيا يتعب القلب والبدن، والزهد يريح القلب والبدن، كما قال الحسن البصري: الزهد في الدنيا يريح القلب ويريح البدن، فهو لا يشغل قلبه بالدنيا والحرص عليها، ولا جوارحه بشدة السعي فيها.
ومن الناس من يزهد في الدنيا خشية أن تنقص من حسناته، كما قال عمر رضي الله عنه: لولا أني أخاف أن تنقص من حسناتي لخالطتكم في طيب عيشكم، ولكني سمعت الله عير قوماً فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف:20].
ومن الناس من يزهد في الدنيا؛ لما يرى من قلة وفائها، وكثرة جفائها وخسة شركائها، كما قيل لبعضهم: ما الذي زهدك في الدنيا؟ قال: قلة وفائها، وكثرة جفائها وخسة شركائها؛ لأنه إما أن ينافس الكفار الذين اغتروا بالدنيا وزينتها، أو ينافس أهل الشهوات والترف والرغبة فيها، ولا ينافس أهل الرغبة في الآخرة.
من الدوافع إلى الزهد كذلك عباد الله: أن العبد الذي يرغب في الدنيا قد يتكدر عليه عيشه مع الله عز وجل، ولا تخلص له حلاوة الإيمان، أي: لا يكون مشغولاً بقلبه وجوارحه بالله عز وجل.