إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده رسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد: فلما كانت الدنيا دار بلاء والآخرة دار جزاء لا يسلم المؤمن في الدنيا من المصائب والرزايا والبلايا، قال بعضهم: المرء رهن مصائب لا تنقضي حتى يوسد جسمه في رمسه فمؤجل يلقى الردى في غيره ومعجل يلقى الردى في نفسه ونحن في أزمنة متأخرة حرم فيها المسلمون من التحاكم إلى شريعة ربهم عز وجل، ونكست فيها أعلام العلم والدين، وصار الدعاة إلى الله عز وجل والملتزمين بشرع الله عز وجل محاربين مضطهدين، وارتفعت أعلام الفتن، وكثرت الشبهات والمحن، وصار القابض على دينه كالقابض على الجمر، فما أحوجنا إلى تعلم الصبر والعمل به، فإن الصبر ثلاثة أنواع: صبر على الطاعات حتى يؤديها.
وصبر على المعاصي حتى لا يقع فيها.
وصبر على الأقدار المؤلمة التي تخالف هوى النفس.
وهذه الأنواع الثلاثة حاجتنا إليها في هذا الليل الحالك أكثر من حاجتنا إلى الطعام والشراب.
اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد.