قال تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر:28].
فاختلفوا في هذا الرجل: فقال الحسن ومقاتل والسدي: كان قبطياً، وهو ابن عم فرعون والذي نجا مع موسى.
والمفسرون يرجحون أنه الرجل الذي جاء من أقصى المدينة وقال لموسى: {إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص:20].
وقيل: كان من بني إسرائيل ولم يكن من آل فرعون وهو خلاف ما في الآية، وقد تمحل لذلك بأن في الآية تقديماً وتأخيراً، والتقدير: وقال رجل مؤمن من بني إسرائيل يكتم إيمانه من آل فرعون.
وهذا خلاف ظاهر الآية، فالآية: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [غافر:28]، فإذا قيل: إنه من بني إسرائيل، أو من قوم موسى، يكون هذا القول خلاف الآية، أي: خلاف ظاهر القرآن، وظاهر القرآن يجب القول به والمصير إليه، حتى يدل الدليل على أن الظاهر غير مراد.
قال القشيري: ومن جعله إسرائيلياً ففيه بعد؛ لأنه يقال: كتمه أمر كذا، ولا يقال: كتم منه، كما قال سبحانه: {وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء:42]، وأيضاً ما كان فرعون يحتمل من بني إسرائيل مثل هذا القول، يعني: كونه تكلم بهذا الكلام أمام فرعون، وجهر بكلمة الحق ونصر موسى نصراً مؤزراً، ودعا الناس إلى الإيمان بالله عز وجل، وخوف فرعون وقومه من أيام الأحزاب التي هلك فيها عاد وثمود وقوم نوح وغيرهم، لو كان من قوم من بني إسرائيل قوم موسى لما كان يحتمل منه فرعون هذا الكلام فهو من قوم فرعون كما تدل الآية.