بشر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بأن الفتوحات الإسلامية الثانية سوف تكون أكثر من الفتوحات الأولى، وسوف تعم كل الأرض، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها) رغم أنف أوروبا وأمريكا ورغم أنف روسيا ورغم أنف العلمانيين، والذين يسارعون في موالاة الكافرين نقول لهم: سوف تكون الفتوحات الإسلامية الأخيرة، وسوف ينتشر دين الإسلام، ولا يبقي الله عز وجل بيت مدر ولا وبر إلا دخل فيه هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، وينتصر المسلمون على اليهود والنصارى كما بشّرت بذلك الأحاديث الصحيحة، واللقاء حتمي معروف.
وبشر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الملاحم التي سوف تكون في آخر الزمان سوف تكون العاقبة فيها للمتقين، وسوف يرتفع دين الله عز وجل وترفرف راية الإسلام من جديد {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ} [الروم:4 - 5] فلا بد أن يثبت المسلمون على دين الله عز وجل، فإن هذه الحروب المعاصرة حروب صليبية بمعنى الكلمة، كما صرّح بذلك رئيس الكفر وإمامه، وهي حروب صليبية لا تستهدف الإرهاب، وإلا فلماذا لا يُحاربون الإرهاب في فلسطين؟ لماذا لا يحاربون إرهاب شارون؟ أم أن هذا ليس بإرهاب؟ فهم لا يقصدون الإرهاب كما يقولون، ولكنهم يقصدون كل بقعة من الأرض ترتفع فيها راية الجهاد ويراد فيها أن تكون كلمة الله هي العليا، هم يقصدون هذه البقاع من الأرض من أجل أن يقضوا على شعيرة الجهاد، ومن أجل أن يقضوا على الذين يجاهدون لإعزاز دين الله عز وجل، ولا يمكنهم ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشّر ببقاء طائفة من الأمة ظاهرين يقاتلون من أجل أن تكون كلمة الله عز وجل هي العليا، فلا يمكن أن تخلو الأرض ممن يجاهدون لإعزاز دين الله عز وجل ورفع رايته فإن الجهاد هو سبب عزة الإسلام، وسبب روحه وانتصاره.
فلن ينتصر المسلمون بدون بذل وتضحية، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) أي: يجاهدون لإعزاز دين الله.
فالطائفة الظاهرة ليست طائفة من علماء يقيمون الحجة على سائر أهل زمانهم، وينشرون سمة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذه الطائفة فيها علماء ومجاهدون، وفيها آمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، فالظهور عباد الله! في الجهاد والعلم والدعوة واتباع السنة، هذا الظهور الذي ذكره العلماء كما فسّر الإمام النووي بذلك هذا الحديث.
فيجب أن يكونوا طائفة واحدة، بل أناس يقيمون الحجة العلمية، وأناس يجاهدون لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا، وأناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فهذه الطائفة ستبقى في الأرض، ولا يمكن لقوى الشر والشرك أن تقضي على هذه الطائفة التي بشّر بوجودها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولن يمكِّن الله عز وجل الكافرين في أي زمان أو مكان من أن يبيدوا خضراء المسلمين ويستأصلوا جذورهم، وإنما قد تحدث هزيمة عارضة كما حدث يوم أحد من أجل التمحيص والتربية، ومن أجل أن يتخذ الله عز وجل ما يشاء من الشهداء، ولكن الصولة والجولة في النهاية لا تكون إلا للإسلام وأهله.
فنحن نبشر المسلمين في كل زمان ومكان أن الأحزاب الكافرة التي تجتمع على الإسلام اليوم لا يمكن أن يحققوا هدفهم، ولا يمكن أن يصلوا إلى مطلبهم، بل سوف يعودون بصفقة الخسران وسوف تكون الجولة والصولة في النهاية للإسلام وأهله.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، وأعل راية الحق والدين، اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بعز فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد فكده يا رب العالمين! ورد كيده إلى نحره، واجعل تدبيره في تدميره، واجعل الدائرة تدور عليه.
اللهم أعزنا بالإسلام قائمين، وأعزنا بالإسلام قاعدين، ولا تشمت بنا الأعداء والحاسدين، اللهم عليك بالأمريكان والباطنيين وسائر أوروبا الكافرة يا رب العالمين! اللهم دمّرهم تدميراً والعنهم لعناً كبيراً، اللهم كف بأسهم عن إخواننا بأفغانستان، وبسائر بلاد المسلمين، اللهم كن مع المستضعفين من المسلمين في كل مكان، اللهم قو شوكتهم، وسدد رميتهم، وأجب دعوتهم، ووحد صفهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم عليك بـ شارون وبيريز وسائر اليهود، اللهم اجعلهم عبرة للأمم يا رب العالمين! اللهم جمّد الدماء في عروقهم، اللهم اجعلهم عبرة لخلقك يا رب العالمين! اللهم لا ترفع لهم في الأرض راية، واجعلهم لسائر خلقك عبرة وآية، اللهم انصر إخواننا في فلسطين، وانصر إخواننا في الشيشان وفي سائر البلاد التي يرتفع فيها علم الجهاد لإعزاز دينك.
اللهم اهد شباب المسلمين، واهد أطفالنا وأطفال المسلمين، واهد نساء المسلمين للعفّة والحجاب والحياء يا رب العالمين، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وب