الحمد لله المتفرد بوحدانية الألوهية، المتعزز بعظمة الربوبية، القائم على نفوس العالم بآجالها، العالم بتقلبها وأحوالها، المان عليهم بتوافر آلائه، والمتفضل عليهم بسوابغ نعمائه، الذي خلق الخلق حين أراد بلا معين ولا مشير، وأنشأ البشر كما أراد بلا شبيه ولا نظير، فمضت فيهم بقدرته مشيئته، ونفذت فيهم بحكمته إرادته، وألهمهم حسن الإطلاق، وركب فيهم تشعب الأخلاق، فهم على طبقات أقدارهم يمشون، وفيما قُضي وقُدِّر عليهم يهيمون، وكل حزب بما لديهم فرحون.
وأشهد أن لا إله إلا الله خالق السماوات العلى، ومنشئ الأرضين والثرى، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وأشهد أن محمداً عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله المرتضى، بعثه بالنور المضي، والأمر المرضي على حين فترة من الرسل، ودروس من السبل، فدمغ به الطغيان، وأظهر به الإيمان، ورفع دينه على سائر الأديان.
فصلى الله عليه وسلم وبارك ما دار في السماء فلك، وما سبح في الملكوت ملك، وسلم تسليماً.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام:134].
إني أريد أن أنبه لأمرين: الأمر الأول: نعمة الوقت والعمر، كيف تنفق الأوقات وعلى المقاهي؟ وكيف تنفق الأوقات على نواصي السكك؟ يتمتعون برؤية الغاديات والرائحات، بل كيف تنفق الأوقات أمام العجل الفضي، وأمام الشاشة الفضية شاشة التلفاز والفيديو واستقبال البث المباشر؟ والأمر الثاني: خاص بفصل الصيف كذلك وهي نصيحة بغض البصر، فكم تكشف في الصيف من عورات وكم تنتهك من حرمات.
أما الوصية الأولى عباد الله! التي أنصح نفسي وإياكم بها: أن نعلم خطر الوقت وخطر العمر، وأن نعلم أن عمر العبد خطاه إلى قبره.
يا من بدنياه اشتغل وغره طول الأمل الموت يأتي بغتة والقبر صندوق العمل