إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
ذكرنا من أوجه إعجاز القرآن عباد الله: إعجاز القرآن برشاقة اللفظ وجزالة المعنى.
والوجه الثاني: أن القرآن أخبر بالمغيبات، وحدث كما أخبر القرآن سواء بسواء.
الوجه الثالث عباد الله: الإعجاز بالتحدي، فقد تحدى الله عز وجل الخلق على أن يأتوا بمثل القرآن، فعجزوا عن ذلك، فتحداهم الله عز وجل على أن يأتوا بعشر سور من سور القرآن، فعجزوا عن ذلك، فتحداهم الله عز وجل على أن يأتوا بسورة واحدة من سور القرآن، فعجزوا عن ذلك، وأخبر الله عز وجل عن عجزهم حيث قال عز وجل: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88] أي: لو اجتمع الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ومعيناً.
فهذا تحد بالقرآن كله.
وتحداهم الله عز وجل أن يأتوا بسورة واحدة، فقال: {وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة:23 - 24].
وقال في العشر السور: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [هود:13] فعجزوا عن القرآن كله، وعجزوا عن عشر سور، وعجزوا كذلك على أن يأتوا بسورة واحدة ولو كأقصر سورة في القرآن.
وقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة:24] أي: لن تقدروا على ذلك.
وحدث الأمر كما أخبر الله عز وجل، ما استطاع أحد أن يأتي بمثل سورة من القرآن.
فإن قال قائل: لعله قد عورض ولم ينقل إلينا؟ ف
صلى الله عليه وسلم بل عورض فعلاً ونقل إلينا، فظهرت ركاكة لفظه، وسماجة نظمه، وسخافة معناه، أي: أن الذين حاولوا أن يعارضوا القرآن أتوا بالألفاظ الركيكة، والمعاني السخيفة، فلم يستطع أحد أن يأتي بمثل القرآن أو بمثل عشر سور، أو بمثل سورة واحدة من القرآن، وأعداء الإسلام يكيدون للإسلام ليل نهار، وما استطاع أحد أن يأتي بسورة من مثل القرآن، فهذا يدل على أنه كلام الملك المنان عز وجل، وأنه كلام خالق البشر وليس ككلام البشر، فهذا الوجه الثالث عباد الله! من الإعجاز وهو الإعجاز بالتحدي.
فإن قال قائل: لعل الله عز وجل يصرف همم الناس على أن يأتوا بمثل القرآن؟ ف
صلى الله عليه وسلم أن هذا أيضاً من الإعجاز، وهذا يدل على قدرة الله عز وجل، أنه يصرف همم الناس وعقول الناس على أن يأتوا بمثل القرآن.